التعليق على تفسير الجلالين : (( كم )) أي كثيرا (( أهلكنا من قبلهم من قرن )) أي أمة من الأمم الماضية . حفظ
قوله : (( كم أهلكنا )) قدرها المؤلف بقوله : " كثيراً " وعلى هذا فتكون كم تكثيرية وهي منصوبة على أنها مفعول مقدم لـ(( أهلكنا )) و (( من قبلهم )) متعلق بـ(( أهلكنا )) و (( من قرن )) تمييز لـ(( كم )) لأن كم اسم مبهم تحتاج إلى تمييز أي إلى شيء يبينها و يميزها. فلو قليل : (( كم أهلكنا من قبلهم )) ما تبين الكلام و إيش أهلك ؟ فإذا قال : (( من قرن )) تبين الكلام و لهذا نقول : إن (( من قرن )) تمييز لإيش ؟ لـ (( كم )) مجرور بـ(( من )) (( كم أهلكنا من قبلهم )) (( من قبلهم )) أي من قبل الكفار الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقوله : (( من قرن )) أي من أمة والمعنى أن الله أهلك كثيراً من الأمم قبل هؤلاء ومن أهلك كثيراً من الأمم قبل هؤلاء فإنه حري أن يهلك هؤلاء. لكن إهلاك الأمم السابقة كان بعذاب من الله وإهلاك المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم كان بأيدي المؤمنين. فالحروب والقتال الذي وقع بين الرسول صلى الله عليه وسلم كان عذاباً لهؤلاء المكذبين وكان على يد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما قال الله تعالى : (( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )) ولا شك أن عذاب الأعداء على يد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا شك أنه أشفى من صدورهم مما لو كان العذاب من الله سبحانه وتعالى وهذا شيء مشاهد إذا كانت غلبة عدوك على يدك كان أشفى لصدرك وأحيا لنفسك وأقوى وأعز مما لو أهلكه الله بعذاب من عنده فلهذا كان هلاك المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم كان على يد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، والله أعلم .