التعليق على تفسير الجلالين : (( فنادوا )) حين نزول العذاب بهم (( ولات حين مناص )) أي ليس الحين حين فرار ، والتاء زائدة ، والجملة حال من فاعل (( نادوا )) أي استغاثوا والحال أن لا مهرب ولا منجى ، وما اعتبر بهم كفار مكة . حفظ
تعود على الألفاظ باعتبار لفظها ويجوز أن تعود على الألفاظ باعتبار معناه ألم ترى إلى قوله تعالى : (( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا )) ولم يقل : اقتتلا ، لو قال : اقتتلا لكان الضمير عائداً على اللفظ ولما قال : (( اقتتلوا )) صار عائداً على المعنى لأن الطائفة جماعة ، إذاً (( فنادوا )) أي القرن فأعاد الضمير عليها باعتبار المعنى. وقوله : (( فنادوا )) يقول المؤلف : " حين نزول العذاب بهم " ولكن نادوا من ؟ هل المعنى نادى بعضهم بعضاً يستغيث بعضهم ببعض، ولكن لا يمكن ؟ أو المعنى أنه نادوا الله أي دعوه أي يغيثهم ؟ أو المعنى أنه حصل منهم الأمران ؟ القاعدة عندنا في التفسير أنه متى كان اللفظ صالحاً لمعنيين فأكثر فإنه يحمل عليهما جميعاً وعلى هذا فيكون (( نادوا )) محذوف المفعول من أجل العموم أي أن بعضهم ينادي بعضاً يا فلان أغثني ، أغثني ، كذلك ينادون الله لأن الله يقول : (( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )) ولكن قال الله تعالى : (( ولات حين مناص )) (( لات )) هذه لا النافية زيدت عليها تاء التأنيث لتأنيث اللفظ كما زيدت تاء التأنيث في ربت وفي ثمت لتأنيث اللفظ تقول : رب رجل لقيته ، وتقول : ربت رجل لقيته ، وتقول : قام زيد ثم قام عمرو وتقول : قام زيد ثمت قام عمرو ، فإذاً هي لا النافية زيدت عليها إيش ؟ تاء التأنيث لماذا ؟ لتأنيث اللفظ ، هذه لا النافية تعمل عمل ليس واسمها محذوف في هذه الآية وخبرها (( حين مناص )) والتقدير أي ليس الحين حيناً فسرها المؤلف بالمعنى فعليه تقول : لا بمعنى ليس واسمها محذوف تقديره الحين ، وخبرها موجود وهو قوله : (( حين مناص )) والغالب أن خبر لا يكون زماناً هذا الغالب لا يأت إلا زماناً ، قال الشاعر : " ندم البغاة ولات ساعة مندم " يعني وليست الساعة ساعة مندم . طيب . وقوله : (( مناص )) المناص الفرار ، نعم الفرار والنجاة يعني ليس الحين حين فرار ونجاة لأنه بعد نزول العذاب لا ينفع نفساً إيمانها ، طيب قال المؤلف رحمه الله تعالى يقول : " ليس الحين حين فرار والتاء زائدة " ليش ؟ لتأنيث اللفظ والجملة حال من فاعل (( نادوا )) وعلى هذا فتكون في محل نصب لأن الجملة الحالية دائمة في محل نصب يعني نادوا في حال لا مناص لهم مما نزل به ولهذا قدرها المؤلف : " أي استغاثوا والحال ألا مهرب ولا منجا " هذا ما قدره المؤلف في جملة (( ولات حين مناص )) أي أنها حالية فتكون مقيدة بحال مناداتهم ولكن يجوز أن تكون استئنافية فنادوا ثم يخبر الله عز و جل أن هذا الوقت ليس وقت مفر ، والفرق بين قولنا استئنافية وغير استئنافية وحالية أنه إذا كانت حالية صارت قيداً للمناداة ، يعني نادوا في حال لا ينفعهم النداء . وإذا كانت استئنافية تكون منفصلة من حيث القيدية عما قبلها فيكون الله أخبر بأنهم نادوا ثم أخبر بأنهم في حال ليسوا متمكنين من الفرار ، قال المؤلف : " وما اعتبر بهم كفار مكة " وهذه هي الثمرة من ذكر أن الله أهلك قروناً كثيراً فيما سبق ومع هذا لم يعتبر بذلك أهل مكة بل كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وآذوه وقالوا : إنه مجنون وإنه ساحر وإنه كذاب وإنه شاعر وإنه كاهن وكل وصف ينفر الناس عنه وصفوه به صلى الله عليه وسلم ولم يعتبروا بما سبق بل زادوا على هذا .