التعليق على تفسير الجلالين : (( وانطلق الملأ منهم )) من مجلس اجتماعهم عند أبي طالب وسماعهم فيه من النبي صلى الله عليه وسلم قولوا : لا إله إلا الله (( أن امشوا )) أي يقول بعضهم لبعض : امشوا (( واصبروا على ءالهتكم )) اثبتوا على عبادتها (( إن هذا )) المذكور من التوحيد (( لشىء يراد )) منا . حفظ
وأما قول المؤلف : (( وانطلق الملأ منهم )) " من مجلس اجتماعهم عند أبي طالب وسماعه فيهم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قولوا لا إله إلا الله فهذا تقييد لمطلق " وقد فسرنا أن تفسير القرآن بما هو أخص تفسير قاصر لأنه يقصد المعنى المطلق على هذا المعنى المقيد أو المعنى العام على المعنى الخاص وهذا نقص بلا شك إلا إذا قام الدليل على ذلك فليتبع الدليل فقوله تعالى : (( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ )) هذا عام ولكن إذا طبقنا هذا الكلام على الواقع وجدنا أن المراد بالناس الخاص (( قال لهم الناس )) القائل واحد (( إن الناس قد جمعوا لكم )) أيضاً الناس ليس كل الناس جمعوا للرسول صلى الله عليه وسلم الذين لم تبلغهم الدعوة ما جمعوا له فيكون هذا تفسيرنا الناس بخاص في هذه الآية تفسيراً دل عليه الواقع أما إذا لم يكن دليل فإن الواجب إبقاء القرآن على عمومه إن كان من العام وعلى إطلاقه إن كان من إيش ؟ من المطلق ، طيب هنا نقول : المؤلف رحمه الله جعل الانطلاق مجلس خاص وهو المجلس الذي اجتمعوا فيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند أبي طالب حين قال : قولوا لا إله إلا الله ، ولكن الأولى أن نجعله عاماً يشمل هذا المجلس وغيره . (( أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ )) (( أن امشوا واصبروا )) هل المراد هنا المشي بالقدم أو المراد المشي بالطريقة ؟ يعني سيروا على طريقتكم واصبروا عل آلهتكم ، من نظر إلى الانطلاق (( وانطلق الملأ منهم )) قال : إن المراد بذلك إيش ؟ المشي بالقدم يعني إنهم إذا انطلقوا حث بعضهم بعضاً على المشي والسير لئلا يعودوا فيعرجوا على ما انطلقوا منه كأنهم إنما ينطلقون فراراً فليوصي بعضهم بعضاً بالمشي وإذا نظرنا إلى المعنى أو إلى عموم أحوالهم قلنا : إن المراد بذلك إيش ؟ المشي على الطريقة يعني سيروا على طريقتكم ولا يهمنكم أحد (( وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ )) يعني احبسوا أنفسكم عليها لا تحيدوا عنها وهذا من باب التواصي بماذا ؟ بالباطل يقول بعضهم لبعض : (( امشوا واصبروا على آلهتكم )) اثبتوا على عبادتها (( إِنَّ هَذَا )) المذكور من التوحيد (( لَشَيْءٌ يُرَادُ )) (( اصبروا على آلهتكم )) يعني اثبتوا عليها في عبادتها والدفاع عنها وعدم قبول كل شيء يبطلها ، اصبروا (( إن هذا لشيء يراد )) (( هذا )) المشار إليه ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من التوحيد (( لشيء يراد )) أي يريده من جاء به وهذا يدل على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام يعني معناه أن هذا الرجل قال قولاً يريده فهو جاد في قوله والشيء الذي يراد لا بد أن يسعى مريده بما إيش ؟ بما يحققه بخلاف الإنسان الذي يقول القول باللسان لا بالقلب ولهذا تجد الذي يقول القول باللسان والقلب تجده يصمم ويعزم على أن ينفذ ما قال لكن الذي لا يريد يكون قوله سطحياً فقولهم : (( إن هذا لشيء يراد )) من يريدوا ؟ قائله النبي عليه الصلاة والسلام وإذا صدر القول عن إرادة فهذا يعني أن صاحبه إيش ؟ مصمم عليه وعلى غلبته وأن يكون هذا القول هو القول السائد الذي يمشي عليه الناس بخلاف ما قال قولاً لا يريد مثل أن يقول القول مجاملة أو من أجل إمضاء الوقت أو ما أشبه ذلك فإنه لا يكون عنده العزم الصادق على تنفيذ ما قاله . أظن ما يمكن نكمل ما قرأنا ، إن شاء بكرة .
الطالب : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ * أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ )).
الطالب : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ * أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ )).