تفسير قول الله تعالى : (( كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد )) . حفظ
ثم بدأ الله الإشارة إلى قصة أولئك الأجناد أو أولئك الأحزاب فقال عز وجل : (( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ )) قبل من ؟ قبل الذين كذبوك من قريش ومن اليهود وغيرهم. (( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ )) ونوح هو أول رسول أرسله الله عز وجل بدلالة القرآن والسنة، قال الله تعالى : (( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ))، وقال تعالى : (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ )) ولو كان أحد قبل نوح لخرج من ذريتهما، وبه نعرف أن ما يوجد من شجرة الأنبياء التي كتب فيها أن إدريس قبل نوح خطأ، فإن إدريس بعد نوح بلا شك ، أما السنة فصريحة في ذلك. فإنه ثبت في حديث الشفاعة الطويل أن الناس يأتون إلى نوح ويقولون له : أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ، وهذا صريح وبه أيضاً نعرف أنما يذكر في كتب التاريخ من أن إدريس جد لنوح فهو خطأ بلا شك، فإدريس فيما يظهر لنا والعلم عند الله من أنبياء بني إسرائيل. طيب (( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ )) نوح عليه الصلاة والسلام بعث إلى البشر حين اختلف الناس وكان الناس في الأول على ملة واحدة فاختلفوا (( فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ )). أرسله الله إلى قومه (( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما )) وهو يدعوهم إلى الله ويأتيهم بالآيات ويتحداهم ولكنهم والعياذ بالله كلما دعاهم ازدادوا عتواً ونفوراً (( وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا )). ولما أذن الله تعالى بهلاكهم دعا نوح (( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ )) فانتصر الله له (( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا )). وأمره الله أن يحمل معه من آمن من قومه قال الله تعالى : (( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ )). فتصوروا أيها الدعاة كيف لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو رسول ؟ والناس لم يكثروا بعد ومع ذلك ما آمن معه إلا قليل حتى أحد نسله قد كفر به وهو ابنه الذي كان من المغرقين .