التعليق على تفسير الجلالين : (( وشددنا ملكه )) قويناه بالحرس والجنود ، وكان يحرس محرابه في كل ليلة ثلاثون ألف رجل (( وءاتيناه الحكمة )) النبوة والإصابة في الأمور (( وفصل الخطاب )) البيان الشافي في كل قصد . حفظ
قال الله تعالى : (( وشددنا ملكه )) أي " قوينا ملكه، " (( شددنا ملكه )) أي قويناه لأن الشد يأتي بمعنى التقوية قال الله تعالى : (( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا )) أي قوية بدليل قوله : (( والسماء بنيناها بأيد )) أي بقوة. فالشد هنا بمعنى القوة أي قوينا ملكه وتقوية الملك فسرها المؤلف بقوله بالحرس والجنود وهذا لا شك نوع من التقوية أن يكون لدى الملك حراس وجنود ، الحراس هم الموالون له والجنود هم التابعون له وإن لم يوالوه ولكنهم جنود له متى أمرهم ائتمروا ، أما الحراس فهم المباشرون للملك. فالله شد ملكه بالحراس والجنود هذا وجه من شد الملك ، شد ملكه بقوة السلطان لأن السلطان إذا كان ضعيفاً مهما كان عنده من الحرس والجنود فإنه ضعيف لكن إذا أعطاه الله القوة والعزيمة وعدم المبالاة بأعدائه فهذا شد للملك . يوجد ملك عنده آلاف من الجنود والحراس لكنه ضعيف يخاف من ظله ولا يحمي حدوده هذا لا شك إنه، وإن كان عنده حراس كثيرون وجنود فإنه ملكه ضعيف لأن غاية ما ينفعه الجنود به أن يكونوا مدافعين فقط ،لكن إذا قوى الله ملكه بما عنده من قوة العزيمة والجلد والصبر والتحمل وعدم المبالاة بالأعداء ، صار حينئذ عنده قوة مهاجمة ومدافعة الأمرين جميعاً ، أما من عنده الجنود فالغالب أنه يحرس لضعفه ولا أحد يشك بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أقوى الناس ملكاً لكن خلافة ، ومع ذلك هل عنده جنود يحرسونه ؟ لا ليس عنده جنود يحرسونه بل هو كان يجمع الحصباء في المسجد ويضعه رداءه عليها وينام عليها ليس عنده أحد ومع ذلك فقد حماه الله عز وجل. إذاً شد الملك ليس مقتصراً على كثرة إيش ؟ الحرس والجنود بل قد يكون في الحرس والجنود ما يؤدي إلى الضعف إذا كان الإنسان لا يقوى إلا بالحرس والجنود ولا يتحرك إلا بالحرس والجنود فهذا قد يكون دليلاً على ضعفه وخوفه وعدم أمنه ، لذلك اقتصار المؤلف رحمه الله على كثرة الحرس والجنود في شد الملك لا شك أنه ضعيف جداً و أهم شيء أن يقوى ملكه بما لديه من الشخصية و قوة العزيمة وعدم المبالاة بأعدائه ، قال : (( وشددنا ملكه )) قويناه بالحرس والجنود وكان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثون ألف رجل ، هذه إسرائيلية بلا شك لم ترد عن المعصوم وبناءً على ذلك فإن كانت قريبة من التصور فإننا لا نصدقها ولا نكذبها وإن كانت بعيدة من التصور فإننا إيش ؟ نكذبها ، البعيد عن الواقع الذي لم يرد عن المعصوم يكذب لأنه ما فيه خبر ثابت فإذا لم يكن هناك خبر ثابت رجعنا إلى تحكيم العقل فهل يعقل مثلاً أن يكون داود عنده ثلاثون ألف كل ليلة يحرسون محرابه ثلاثون ألف ؟ صعب هذا ، ما أدري كل قومه ما يجيبون ثلاثون ألف ما يبلغون ثلاثين ألف على كل حال هذا خبر إسرائيلي وأقرب ما يكون عندي أنه كذب وأنه إن صح أن عنده ثلاثين ألفاً وإن صح أن يكون عنده حرساً فليكونوا خمسة عشرة وما أشبه ذلك. نعم ثم إنه سيأتينا في القصة الخصوم الذين تسوروا المحراب هل يتسورون المحراب وحوله ثلاثون ألفاً ؟ لأنه إذا كان يحرس في الليل بثلاثين ألفاً ففي النهار يمكن بعشرة آلاف فالحاصل أن مثل هذه القصص الإسرائيلية تكون عندنا على ثلاثة أوجه : ما شهد شرعنا ببطلانه فهو باطل ، وما شهد شرعنا بصدقه فهو حق بشهادة شرعنا ، وما لم يشهد شرعنا بخلافه فإننا نرجع إلى العقل إن كان قريباً فإننا لا نصدق ولا نكذب وإن كان بعيداً فإننا نكذب لأن هذا لما انتفى فيد الدليل الشرعي نرجع فيه إلى إيش ؟ الدليل العقلي فإذا كان العقلي يستبعده أبعدناه ، نعم .
يقول : (( وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )) (( آتيناه )) أعطيناه وهنا فرق بين (( آتيناه )) وأتيناه ، (( آتيناه )) بمعنى أعطيناه وتنصب مفعولين من باب كسا وأتيناه بمعنى جئناه وتنصب مفعولاً واحداً ، (( قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) إيش ؟ جئنا طائعين ، (( وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ )) جئناك بالحق أما آتينا بالمد فهي بمعنى أعطى وتنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر. قال : (( آتيناه الحكمة )) هنا نصبت مفعولين : المفعول الأول : الهاء والثاني : الحكمة. وما هي الحكمة قال المؤلف : " النبوة والإصابة في الأمور ". النبوة لأن النبوة حكمة بلا شك كل نبي فإنه مؤتاً للحكمة قال الله تعالى : (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )). الإصابة في الأمور أيضاً حكمة كون الإنسان يوفق للإصابة في الأمور مثل أن يكون ذا رأي سديد فإن هذا لا شك أنه حكمة ولهذا يقال : فلان حكيم زمان أي بإصابته في الأمور وقوله : (( وفصل الخطاب )) قال :" البيان الشافي في كل قصد" ، (( فصل الخطاب )) هل المعنى أنه يفصل الخطاب الصادر من غيره بمعنى أنه يفصل بين الخصوم ما تخاطبوا فيه ؟ كما يدل عليه قوله : (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ )) لأن المتخاصمين كل منهما يدلي بإيش ؟ بحجة يتكلم ويقول ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنكم تختصمون إليً ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي وإنما أقضي بنحو ما أسمع ). إذاً (( فصل الخطاب )) يعني فصل الخطاب الحاصل من غيره يعني يفصل في خطاب الناس أو (( فصل الخطاب )) يعني خطابه هو يعني أن خطابه كان فصلاً أي ذا بيان وفصاحة ، نقول : المعنيان محتملان. فالآية تحتمل هذا وهذا وهما لا يتنافيان فيجب أن تكون الآية محمولة إيش ؟ عليها ، حتى إن بعضهم قال : إن فصل الخطاب هو قوله : أما بعد.
يقول : (( وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )) (( آتيناه )) أعطيناه وهنا فرق بين (( آتيناه )) وأتيناه ، (( آتيناه )) بمعنى أعطيناه وتنصب مفعولين من باب كسا وأتيناه بمعنى جئناه وتنصب مفعولاً واحداً ، (( قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) إيش ؟ جئنا طائعين ، (( وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ )) جئناك بالحق أما آتينا بالمد فهي بمعنى أعطى وتنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر. قال : (( آتيناه الحكمة )) هنا نصبت مفعولين : المفعول الأول : الهاء والثاني : الحكمة. وما هي الحكمة قال المؤلف : " النبوة والإصابة في الأمور ". النبوة لأن النبوة حكمة بلا شك كل نبي فإنه مؤتاً للحكمة قال الله تعالى : (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )). الإصابة في الأمور أيضاً حكمة كون الإنسان يوفق للإصابة في الأمور مثل أن يكون ذا رأي سديد فإن هذا لا شك أنه حكمة ولهذا يقال : فلان حكيم زمان أي بإصابته في الأمور وقوله : (( وفصل الخطاب )) قال :" البيان الشافي في كل قصد" ، (( فصل الخطاب )) هل المعنى أنه يفصل الخطاب الصادر من غيره بمعنى أنه يفصل بين الخصوم ما تخاطبوا فيه ؟ كما يدل عليه قوله : (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ )) لأن المتخاصمين كل منهما يدلي بإيش ؟ بحجة يتكلم ويقول ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنكم تختصمون إليً ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي وإنما أقضي بنحو ما أسمع ). إذاً (( فصل الخطاب )) يعني فصل الخطاب الحاصل من غيره يعني يفصل في خطاب الناس أو (( فصل الخطاب )) يعني خطابه هو يعني أن خطابه كان فصلاً أي ذا بيان وفصاحة ، نقول : المعنيان محتملان. فالآية تحتمل هذا وهذا وهما لا يتنافيان فيجب أن تكون الآية محمولة إيش ؟ عليها ، حتى إن بعضهم قال : إن فصل الخطاب هو قوله : أما بعد.