التعليق على تفسير الجلالين : (( وهل )) معنى الاستفهام هنا التعجيب والتشويق إلى استماع ما بعده (( أتاك )) يا محمد صلى الله عليه وسلم (( نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب )) محراب داود ؟ أي مسجده ، حيث منعوا الدخول عليه من الباب لشغله بالعبادة ، أي خبرهم وقصتهم . حفظ
قال الله عز وجل (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ )). الواو عاطفة وما بعدها معطوف على ما سبق لأن الكلام كله في شأن داود ، يا خالد انتبه لا تضعه على المصحف. (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ )) الواو حرف عطف والجملة معطوفة على ما سبق لأن الكلام كله هي قصة داود عليه الصلاة والسلام. والاستفهام هنا يقول المؤلف : " الاستفهام هنا للتعجب والتشويق " يعني أن هذه القصة عجيبة وأنها لكونها عجيبة مما يشوق إليك. والاستفهام كما نعلم جميعاً تختلف معانية بحسب السياق وإلا فالأصل فيه أنه الاستخبار عن الشيء أي طلب الإفهام عنه، يقال : استفهم عن كذا أي طلب الإفهام عنه، هذا هو الاصل، لكن الكلام يغير المعاني الأصلية إذا ما يقتضيه السياق فالمراد به هنا التشويق وله نظير مثل قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )) المراد به هنا التشويق وقد يكون المراد بالاستفهام التهويل مثل (( هل أتاك حديث الغاشية * وجوه يومئذ )) إلى آخره ، المهم أن الأصل في الاستفهام هو طلب إيش ؟ الاستخبار وهو طلب إيش ؟ الإفهام والإخبار هذا الأصل ولكن يأتي لمعانٍ أخرى يدل عليها السياق. يقول : (( هل أتاك )) الاستفهام هنا للتعجب والتشويق إلى استماع ما بعده ، (( أتاك )) يا محمد فجعل المؤلف هنا الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن يجوز أن يكون الأمر كما ذهب إليه المؤلف ويجوز أن تكون الكاف لكل من يصح خطابه أي وهل أتاك أيها المخاطب وإذا قلنا بهذا القول صارت دلالة الآية أعم والقاعدة عندنا في التفسير أنه كلما كان أعم فإنه أولى وعليه فيكون المراد بالكاف هنا إيش ؟ المخاطبة لكل من يصح خطابه واعلم أن الكاف التي في القرآن كاف الخطاب تارة بل لا أقول كاف الخطاب بل أقول كل خطاب في القرآن موجه إلى المخاطب فإنه على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يدل الدليل على أنه عام فيؤخذ بعمومه .
الثاني : أن يدل الدليل على أنه خاص فيؤخذ بخصوصه .
الثالث : ألا يكون هناك دليل لا هذا ولا هذا فيؤخذ بعمومه .
مثال الأول قوله تعالى : (( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ )). فيا أيا النبي الخطاب موجه للرسول صلى الله عليه وسلم لكن حكمه عام لقوله : (( إذا طلقتم )) فجعل الخطاب الحكم عاماً لجميع الأمة .
وما دل الدليل على خصوصه فمثل قوله تعالى : (( يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين )) هذا خطاب خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم لا يشاركه غيره .
وما كان يحتمل إلا هذا وهذا فكثير ومنه هذه الآية (( هل أتاك نبأ الخصم )) طيب. (( ألم نشرح لك صدرك )) هذا خاص نعم (( هل أتاك )) (( أتاك )) مر علينا قريباً أن الفرق بينها وبين آتاك ، آتاك يعني أعطاك وأتاك جاءك يعني وهل جاءك (( نبأ الخصم )) (( نبأ )) بمعنى خبر ولكنه لا يقال غالباً إلا في الخبر الهام (( عم يتساءلون * عن النبأ العظيم )) فهنا (( نبأ )) بمعنى خبر لكنه في أمر هام.
وقوله : (( الخصم )) أي المتخاصمين بدليل قوله : (( إذ تسوروا المحراب )) فالخصم لفظه مفرد لكن معناه إيش ؟ معناه الجمع. والخصم قلت هم المتخاصمون وسمي المتخاصمون خصماً لأن كل واحد يريد أن يخصم صاحبه أي يغلبه في الحجة ويقطع حجته.
(( إذ تسوروا المحراب )) قوله : (( إذا )) متعلقة بأي شيء ؟ لا يصح أن تتعلق بـ (( أتاك )) لأن تسورهم المحراب سابق ولا بـ (( نبأ )) لأن تسورهم للمحراب أيضاً سابق ولكنها تتعلق بشيء مقدر يدل عليه السياق يعني أذكر إذ تسوروا المحراب نعم (( إذ تسوروا المحراب )) قال : " محراب داود أي مسجده حيث منعوا الدخول عليه من الباب ". (( تسوروا المحراب )) بمعنى دخلوا مع سوره يعني من على السور لأن المكان مسور لأنه بيت يتعبد فيه فهو مسور وله أبواب فجاءوا ذات يوم أي الجصم فوجدوا أن الباب مغلق والخصوم كما تعرفون كل ذي حاجة فهو أعمى قالوا : هذا الذي أغلق بيته أو محرابه نتسور عليه نأتيه من فوق فتسوروا المحراب يقول : " حيث منعوا الدخول عليه من الباب لشغله بالعبادة قال المؤلف : " أي خبرهم وقصتهم " هذا تفسير لـ(( نبأ )) وعليه الصلاة والسلام أغلق الباب لأنه أراد أن يتعبد لله وهذا لا شك أنه يمنع من وصول الخصوم إليه لكن الله سبحانه وتعالى سلط هؤلاء حيث جاءوا فوجدوا الباب مغلقاً أو منعوا من الدخول فتسوروا المحراب من السور.