تفسير قول الله تعالى : (( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ... )) . حفظ
ثم قال الله تعالى : (( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوَى )). يخاطب الله تعالى داود بالنداء و المخاطبة بالنداء يراد بها التنبيه. لأن هناك فرق بين أن تقول : محمد قام و بين أن تقول : يا عليّ محمد قام. ففي الثاني تنبيه. و إذا كان الكلام يحتاج إلى تنبيه فإنه دليل على أهميته إذ أن الكلام الذي يهتم به يقدم بين يديه ما يكون به التنبيه فالله عز و جل ينادي داود تنبيهاً لما سيلقي عليه فيقول : (( إنا جعلناك خليفة في الأرض )). (( جعلناك )) أي سيرناك لأن الجعل تارة يكون للتسيير و تارة يكون للإيجاد ففي قوله تعالى : (( وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ )) هذه جعل إيش ؟ إيجاد يعني أوجدهما. و في قوله تعالى : (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا )) أي سيرناه جعل تسيير. و الفرق بينهما أنه إن تعدى إلى مفعول واحد صار بمعنى الإيجاد وإن تعدى إلى مفعولين صار بمعنى التسيير ، طيب. هنا يقول : (( جعلناك خليفة )) تعدى إلى مفعولين الكاف و خليفة فتكون بمعنى التسيير .
طيب وقوله : (( إنا جعلناك خليفة في الأرض )) أي خالفاً لنا في تبليغ شرعنا. و ليس المراد أنه خالف له أنه يأتي بعده لأن الله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن لكن خليفة لله في تبليغ إيش ؟ في تبليغ شرعه و حكمه بين الناس.
و قوله : (( فاحكم )) الفاء هذه للتفريق أي فبناءً على كونك خليفة في الأرض احكم.