تفسير قول الله تعالى : (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) . حفظ
يقول الله عز و جل (( وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا )) (( خلقنا )) أي أوجدنا فالخلق بمعنى الإيجاد لكنه إيجاد عن تقدير لأن الإيجاد قد لا يكون عن تقدير و لا عن ترتيب و لكن الخلق لا بد أن يكون عن تقدير و ترتيب . يقول : (( وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الأَرْضَ )) السماء المراد بها الجنس فيشمل جميع السماوات و كذلك الأرض و قوله : (( و ما بينهما )) معطوف على السماء أي ما خلقنا ما بينهما و الذي بين السماء و الأرض من المخلوقات مخلوقات عظيمة بعضها معلوم لنا و بعضها مجهول لنا لم نعلمه حتى الآن لكننا يغلب على الظن أنها مخلوقات عظيمة لأن الله تعالى جعلها قسيمة لخلق السماء و الأرض. و قسيم الشيء لا بد أن يكون مقارباً له أو مساوياً له . وقوله : (( باطلاً )) هذا محط النفي و لهذا نقول : لا يجوز الوقوف على قوله : (( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْض وَمَا بَيْنَهُمَا )) لأنك لو وقفت لأدى ذلك إلى أن يكون المعنى معنى باطلاً لا بد أن تصل فتقول : (( باطلاً )) لأن ذلك هو محط النفي يعني ما خلقناهما باطلاً أي لأجل الباطل و هذا كقوله : (( وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ))[الأنبياء:16] فالباطل هنا بمعنى اللهو الذي لا فائدة فيه فالله ما خلق السماء و الأرض باطلاً لو خلقها باطلاً لكان ذلك في غاية السفه أن تخلق هذه المخلوقات العظيمة بما فيها وهي لا لشيء بل لعب و لهو.