تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( الجياد )) جمع جواد وهو السابق : المعنى أنها إذا استوقفت سكنت ، وإن ركضت سبقت ، وكانت ألف فرس عرضت عليه بعد أن صلى الظهر لإرادته الجهاد عليها لعدو ، فعند بلوغ العرض منها تسعمائة غربت الشمس ولم يكن صلى العصر فاغتم . حفظ
ثم قال الله تعالى في قصة سليمان بن داود : (( وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ )) ، قال : (( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ )) إلى هنا تم تفسيره ، قال : " جمع جواد و هو السابق المعنى أنها إذا استوقفت سكنت و إن ركضت سبقت " ، يعني أن هذه الخيل التي عرضت عليه موصوفة بهذين الوصفين أنها من الصوافن و أنها من الجياد فهي إذا وقفت على أحسن هيئة و هو الصفون و إذا مشت مشت على أكمل هيئة و هو الجود جيدة في السبق و تحمل المشاق و لو طال السير و هذا غاية ما يكون من جمال الخيل ، غاية ما يكون من جمال الخيل هو هكذا أن تكون هيئتها حين الوقوف مما يسر النفس و أن يكون فعلها و أدائها حين السير مما ينفع لكونها من ذوات الجود ، و قول المؤلف : " و كانت ألف فرس عرضت عليه بعد أن صلى الظهر لإرادته الجهاد عليها لعدو فعند بلوغ العرض منها تسعمائة غربت الشمس و لم يكن صلى العصر فاغتم " ، تقدير هذه الخيل بألف فرس يحتاج دليل عن معصوم عن النبي صلى الله عليه وسلم و ليس هناك دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها ألف أو ألفان أو أقل أو أكثر. و حينئذ يكون أو تكون المسئولية هنا أن نقف حيث وقف القرآن ، فلا نحددها بألف و لا بأكثر و لا بأقل ، إنما هو عرضت عليه في آخر النهار هذه الخيول الصافنات الجياد. فلما عرضت عليه نسي أن يصلي لقوة ما في قلبه من التعلق بهذه الخيول التي أعدها للجهاد في سبيل الله أو أعدها للزينة و التمتع لأن سليمان عليه الصلاة والسلام كان من الأنبياء الملوك كما قال تعالى : (( وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ))[ص:35] و الملوك من عادتهم أن يسروا و يبتهجوا بالنظر إلى الخيول و سواء كان أعدها للجهاد إن كان قد أمر به أو أعدها للتمتع بها بصفة أنه ملك.