تفسير قول الله تعالى : (( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب )) . حفظ
((قال رب اغفرلي)) المغفرة مأخوذة من المغفر و هو الذي يوضع على الرأس لاتقاء السهام في حال القتال و هو شيء من حديد يسمى البيضة. فهو يقي الرأس و في نفس الوقت يستره و لهذا نقول إن مغفرة الذنوب سترها عن الخلق و مع التجاوز عن عقوبتها يعني أنه جامع بين معنيين: هما الستر و التجاوز عن الذنب، أي أن الله تعالى لا يعاقب عليه. ((وهب لي ملكا)) يعني أعطي ملكا ((لا ينبغي لأحد من بعدي))لا ينبغي يعني لا يصلح أن يكون لأحد من بعدي. يعني ملكا عظيما لا يفكر به أحد من بعدي، فغفر الله له و استجاب له. قال تعالى ((من بعدي)) أي سواه نحو فمن يهديه من بعد الله أي سواه يعني كأن المؤلف يقول إن معنى قوله ((من بعدي)) أي سواي و ليس المراد من بعدي زمنا بل لا ينبغي لأحد في زمني و من بعد زمني و لكن المراد بالبعد هنا السوى و استشهد بذلك بقوله تعالى : (( فمن يهديه من بعد الله )) و معلوم أنه لا أحد بعد الله فالله هو الآخر الذي ليس بعده شيء لكن معنى من بعد الله أي من سوى الله. نعم. قال(( هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب)) (( إنك أنت الوهاب)) هذه الجملة تعلقها بما قبلها أنها من باب التوسل لما سأل الله أن يهبه ملكا توسل إلى الله بالاسم الذي يناسب ما دعا به ((إنك أنت الوهاب)) وأنت في قوله(( إنك أنت الوهاب)) يسميها العلماء ضمير الفصل وتفيد ثلاثة أشياء التوكيد و الحصر و التمييز أو الفصل بين الصفة و الخبر. و قوله(( الوهاب)) صيغة المبالغة و ذلك لكثرة هبات الله و كثرة من يهبه الله. كل ما في الخلق من نعمة فهو هبة من الله و ما أكثر النعم على الإنسان نفسه و ما أكثر الإنسان الذي أنعم الله عليه و لهذا جاءت صيغة المبالغة ((إنك أنت الوهاب)).