التعليق على تفسير الجلالين : (( وقالوا )) أي كفار مكة وهم في النار (( ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم )) في الدنيا (( من الأشرار * أتخذناهم سخريا )) بضم السين وكسرها : أي كنا نسخر بهم في الدنيا ، والياء للنسب : أي أمفقودون هم ؟ (( أم زاغت )) مالت (( عنهم الأبصار )) فلم نرهم ؟ وهم فقراء المسلمين كعمار وبلال وصهيب وسلمان (( إن ذلك لحق )) واجب وقوعه وهو (( تخاصم أهل النار )) كما تقدم . حفظ
ثم قال الله عز وجل : ((وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار)) قالوا يقول المؤلف أي كفار مكة و هم في النار و الصواب أن المراد بهم كل الكفار. الكفار يرون أن المؤمنين ضالون (( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون )) و ليس هذا خاصا بكفار مكة كل الكفار إلى اليوم يرون أن المؤمنين أشرار ضالون و يصفونهم بأنه طغاة مفسدون في الأرض. والحقيقة أن الأمر بالعكس الطغاة المفسدون في الأرض الضالون الظالمون المعتدون هم الكافرون كما قال الله تعالى : (( والكافرون هم الظالمون )). فلا أحد أشد فسادا وظلما وطغيانا من الكافر لأنه يتمتع بنعم الله ويبارز الله بالكفر به. هم يقولون الكفار ((ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار)) نعدهم يعني في الدنيا من الأشرار نعدهم يعني في اعتقادنا من الأشرار. قد اتخذناهم سخريا يعني في الدنيا أم زاغت عنهم الأبصار فلم نرهم هم. يقول بعضهم لبعض يا جماعة ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار فلان و فلان نعدهم من الأشرار. هم نحن اتخذناهم في الدنيا سخريا نسخر بهم ونقول أنتم الشر وأنتم الطغاة وما أشبه ذلك أم أنهم كما تصورناهم في الدنيا وعددناهم بأنهم من الأشرار لكن زاغت عنا أبصارهم في النار وأنهم الآن في النار لكن أبصارنا زاغت عنهم كيف الاحتمال. يعني يقولون هل نحن اتخذناهم سخريا في الدنيا وقلنا أنهم من الأشرار وهم ليسوا منهم هذه واحدة وإذا كانوا ليسوا منهم فليدخلوا النار. أم أنهم كانوا أشرارا حقيقة وأن قولنا أنهم أشرار كلام جد وهم الآن في النار. ولكن زاغت عنهم أبصارنا فما هو الجواب ؟ الحقيقة الأول ولا الثاني ؟ الأول ولذلك قال الله عز وجل عنهم ((اتخذناهم سخريا)) بضم السين وكسرها أن كنا نسخر بهم في الدنيا والياء للنسب أي أمفقودون هم أم زاغت مالت عنهم الأبصار فلم نرهم والجواب أن يقال إنكم اتخذتموهم سخريا وسخرتم بهم واستهزأتم بها ووصمتموهم بالعيب والشر وهم برءاء منه. قال ((أم زاغت عنهم الأبصار)) يعني أبصارهم فلم نرهم وهم فقراء المسلمين كعمار وبلال وصهيب وسلمان هذا بناء على أن القائلين كفار مكة. أما إذا قلنا بالعموم فكل زمان له أهل. قال الله تعالى ((إن هذا لحق واجب وقوعه)) وهو تخاصم أهل النار كما تقدم ((إن ذلك)) أي المشار إليه من كل ما ذكر من تخاصم أهل النار. ((لحق)) أي أمر ثابت واقع وهذا تأكيد لخبر الله عز وجل مع أن خبر الله كله حق وصدق وثابت. والمراد بالحق هنا الصدق لأنه خبر عام سيقع. وقوله تخاصم أهل النار هذا بدل أو عطف بيان لقوله حق والمؤلف رحمه الله قدره خبر لمبتدأ محذوف فقال وهو تخاصم أهل النار كما تقدم يتخاصم الأتباع مع المتبوعين والله أعلم.