فوائد قول الله تعالى : (( هذا وإن للطاغين لشر مآب * جهنم يصلونها فبئس المهاد * هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخر من شكله أزواج * هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار * قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار * وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار * إن ذلك لحق تخاصم أهل النار )) . حفظ
و من فوائد هذه الآيات كمال القرآن في التعليم و التبليغ و أنه مثاني إذا ذكر المتقون و ثوابهم ذكر المجرمون و عقابهم ولهذا قال : (( هذا وإن للطاغين لشر مآب )) الطاغين ضد المتقين لهم شر مآب .
و من فوائد هذه الآيات أنه ينبغي للداعية إلى الله أن تكون دعوته تارة بالترغيب و تارة بالترهيب. بل الأفضل أن يجعل دعوته مشتملة على الترغيب و الترهيب. و ذلك لأنها أي الدعوة إذا كانت مقتصرة على الترغيب صارت سببا للأمن من مكر الله و أن يتمادى الإنسان في معصية الله و يرجوا الله. و إذا مقتصرة على الترهيب صارت سببا في القنوت من رحمة الله و استبعاد الرحمة و هذا ضرر. بل ينبغي أن يكون الداعية جامعا بين هذا و هذا ليحمل الناس على الرجاء و على الخوف. و لهذا قال الإمام أحمد : ينبغي أن يكون خوفه و رجاءه واحد فأيهما غلب هلك صاحبه. و قال بعض أهل العلم الرجاء و الخوف كالجناحين للطائر إن انخفض أحدهما سقط الطائر و إن تساويا صار طيرانه متزنا. و قال بعض أهل العلم ينبغي للإنسان عند فعل الطاعة أن يغلب جانب الرجاء و عند الهم بالمعصية أن يغلب جانب الخوف. قالوا لأنه إذا فعل الطاعة فقد فعل سبب الرجاء و إذا فعل المعصية فقد فعل ما يكون سببا للخوف. و قال بعض العلماء ينبغي في حال الصحة أن يغلب جانب الخوف و في حال المرض أن يغلب جانب الرجاء حتى يموت و هو يحسن الظن بالله عز وجل. و لعل القول الوسط هو القول الوسط أن الإنسان إذا فعل المعصية و هم بها غلب جانب الخوف و إذا فعل الطاعة أو هم بها غلب جانب الرجاء. و هذا قول طيب و لكن ليس معنى قولنا أن نغلب جانب الرجاء أو جانب الخوف ألا يكون لديه شيء من الطرف الآخر بل يجمع بين هذا وهذا لكن الكلام على التغليب .
و من فوائد هذه الآيات أن الطاغين مآبهم شر مآب بخلاف المتقين فإن مآلاهم حسن مآب. أما الطاغون فإن مآبهم شر مآب لأن مآبهم إلى جنهم والعياذ بالله. و قد ذكر الله تعالى من أنواع العقوبات في هذه الدار ما يكفي ردعا للمؤمن عن المعصية .
و من فوائدها أن من أسماء النار جهنم .
و من فوائدها أنها هؤلاء يصلونها أي يقعون في صلاها أي حرها الذي لا يمكن أن يبرد أبدا. مع ذلك قد ورد أنهم يطاف بهم أحيانا في زمهرير شديد البرودة وأحيانا في نار شديدة الحرارة .
و من فوائدها الثناء بالقدح على هذه الدار أما الجنة قال الله تعالى : (( فلنعم دار المتقين )) أما هذه فقال هنا : ((فبئس المهاد)) فأثنى عليه بالقدح و القبح و السوء.
و من فوئد هذه الآيات أن أهل النار والعياذ بالله يذوقون العذاب بين حميم و غساق يعني يسقون ماءا حارا و يسقون صديد أهل النار الغساق والعياذ بالله و الإنسان منهم يتجرع هذا الشراب ولا يكاد يسيغه و يأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت.
و من فوائد الآيات تنويع العذاب للطغاة لقوله : (( وآخر من شكله أزواج )) يعني أصناف متنوعة من العذاب. و هذه الأصناف مذكورة في الكتاب والسنة فمن أحب أن يراجعها فليراجعها في الكتب المؤلفة في ذلك. و من فوائد هذه الآيات أن أهل النار يتنازعون فيما بينهم و يتخاصمون و يتلاعنون كلما دخل فوج لعن الثاني كلما دخلت أمة لعنت أختها. ((هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار)).
و منها أن الأتباع و المتبوعين من أهل النار كلهم يكون في النار فلا يعذر هؤلاء بتبعيتهم للسادة و الكبراء و لكن هذا ليس على إطلاقه. فإنه قد دلت النصوص أنه لا يعذب أحد حتى تقوم عليه الحجة. و على هذا فيحمل الأتباع هنا على الأتباع الذين بلغتهم الحجة و بلغتهم الرسل و لكن قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة و لهذا قال الله تعالى في سورة الأحزاب : (( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا )) فدل هذا على أن هؤلاء الأتباع قد قامت عليهم الحجة و لهذا يقولون يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسولا .
و من فوائد هذه الآيات أن أهل النار يكلم بعضهم بعضا و ينبذ بعضهم بعضا و هم ليسوا أحياء و لا أمواتا ليس أموات مستريحين و لا أحياء منعمين بل هم أحياء معذبون .
و من فوائد هذه الآيات تبرأ التابع من المتبوع و بالعكس كما دل على ذلك آيات سورة البقرة.
و من فوائد هذه الآيات أن أهل النار يتذكرون ما جرى لهم في الدنيا لقوله : (( وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار)) و هذا يدل على أنهم يتذكرون ما كان في الدنيا وكذلك أهل الجنة يتذكرون ما كان لهم في الدنيا. قال الله تبارك وتعالى في سورة الصافات : (( قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون قال هل أنتم مطلعون )) يقول لأصحابه الذين معه في الجنة : (( فاطلع فرآه في سواء الجحيم )) رأى من ؟ قرينه. قال له ((تالله إن كنت لتردين)) وهو يسمع هذا في أعلى عليين وهذا في أسفل السافلين يسمع تالله ((إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين)) أي من المحضرين في العذاب كما أنت محضر في العذاب.
و من فوائد هذه الآية قصور عقل أهل النار حيث قالوا كنا نعدهم من الأشرار لأنه إذا لم يروهم الآن فإنهم إما ليسوا في النار و إما أن هؤلاء قد زاغت أبصارهم و قد صدقوا في ذلك في قولهم : (( اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار )) فيقال إن الواقع أنكم الآن مقصرون إما في الدنيا و إما في الآخرة إن كنتم اتخذتموهم سخريا فهذا تقصير في الدنيا و إن كانت أبصاركم زاغت عنهم فهذا قصور في الآخرة.
و من فوائد هذه الآيات أن هذا الخصام الذي يقع بين أهل النار حق لقوله ((إن ذلك لحق)) و يتفرع على هذه الفائدة أنه يجب على كل أحد ألا يغتر بالسادة و المتبوعين بل يكون دأبه دأب نفسه
و من فوائد هذه الآيات أنه ينبغي للداعية إلى الله أن تكون دعوته تارة بالترغيب و تارة بالترهيب. بل الأفضل أن يجعل دعوته مشتملة على الترغيب و الترهيب. و ذلك لأنها أي الدعوة إذا كانت مقتصرة على الترغيب صارت سببا للأمن من مكر الله و أن يتمادى الإنسان في معصية الله و يرجوا الله. و إذا مقتصرة على الترهيب صارت سببا في القنوت من رحمة الله و استبعاد الرحمة و هذا ضرر. بل ينبغي أن يكون الداعية جامعا بين هذا و هذا ليحمل الناس على الرجاء و على الخوف. و لهذا قال الإمام أحمد : ينبغي أن يكون خوفه و رجاءه واحد فأيهما غلب هلك صاحبه. و قال بعض أهل العلم الرجاء و الخوف كالجناحين للطائر إن انخفض أحدهما سقط الطائر و إن تساويا صار طيرانه متزنا. و قال بعض أهل العلم ينبغي للإنسان عند فعل الطاعة أن يغلب جانب الرجاء و عند الهم بالمعصية أن يغلب جانب الخوف. قالوا لأنه إذا فعل الطاعة فقد فعل سبب الرجاء و إذا فعل المعصية فقد فعل ما يكون سببا للخوف. و قال بعض العلماء ينبغي في حال الصحة أن يغلب جانب الخوف و في حال المرض أن يغلب جانب الرجاء حتى يموت و هو يحسن الظن بالله عز وجل. و لعل القول الوسط هو القول الوسط أن الإنسان إذا فعل المعصية و هم بها غلب جانب الخوف و إذا فعل الطاعة أو هم بها غلب جانب الرجاء. و هذا قول طيب و لكن ليس معنى قولنا أن نغلب جانب الرجاء أو جانب الخوف ألا يكون لديه شيء من الطرف الآخر بل يجمع بين هذا وهذا لكن الكلام على التغليب .
و من فوائد هذه الآيات أن الطاغين مآبهم شر مآب بخلاف المتقين فإن مآلاهم حسن مآب. أما الطاغون فإن مآبهم شر مآب لأن مآبهم إلى جنهم والعياذ بالله. و قد ذكر الله تعالى من أنواع العقوبات في هذه الدار ما يكفي ردعا للمؤمن عن المعصية .
و من فوائدها أن من أسماء النار جهنم .
و من فوائدها أنها هؤلاء يصلونها أي يقعون في صلاها أي حرها الذي لا يمكن أن يبرد أبدا. مع ذلك قد ورد أنهم يطاف بهم أحيانا في زمهرير شديد البرودة وأحيانا في نار شديدة الحرارة .
و من فوائدها الثناء بالقدح على هذه الدار أما الجنة قال الله تعالى : (( فلنعم دار المتقين )) أما هذه فقال هنا : ((فبئس المهاد)) فأثنى عليه بالقدح و القبح و السوء.
و من فوئد هذه الآيات أن أهل النار والعياذ بالله يذوقون العذاب بين حميم و غساق يعني يسقون ماءا حارا و يسقون صديد أهل النار الغساق والعياذ بالله و الإنسان منهم يتجرع هذا الشراب ولا يكاد يسيغه و يأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت.
و من فوائد الآيات تنويع العذاب للطغاة لقوله : (( وآخر من شكله أزواج )) يعني أصناف متنوعة من العذاب. و هذه الأصناف مذكورة في الكتاب والسنة فمن أحب أن يراجعها فليراجعها في الكتب المؤلفة في ذلك. و من فوائد هذه الآيات أن أهل النار يتنازعون فيما بينهم و يتخاصمون و يتلاعنون كلما دخل فوج لعن الثاني كلما دخلت أمة لعنت أختها. ((هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار)).
و منها أن الأتباع و المتبوعين من أهل النار كلهم يكون في النار فلا يعذر هؤلاء بتبعيتهم للسادة و الكبراء و لكن هذا ليس على إطلاقه. فإنه قد دلت النصوص أنه لا يعذب أحد حتى تقوم عليه الحجة. و على هذا فيحمل الأتباع هنا على الأتباع الذين بلغتهم الحجة و بلغتهم الرسل و لكن قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة و لهذا قال الله تعالى في سورة الأحزاب : (( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا )) فدل هذا على أن هؤلاء الأتباع قد قامت عليهم الحجة و لهذا يقولون يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسولا .
و من فوائد هذه الآيات أن أهل النار يكلم بعضهم بعضا و ينبذ بعضهم بعضا و هم ليسوا أحياء و لا أمواتا ليس أموات مستريحين و لا أحياء منعمين بل هم أحياء معذبون .
و من فوائد هذه الآيات تبرأ التابع من المتبوع و بالعكس كما دل على ذلك آيات سورة البقرة.
و من فوائد هذه الآيات أن أهل النار يتذكرون ما جرى لهم في الدنيا لقوله : (( وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار)) و هذا يدل على أنهم يتذكرون ما كان في الدنيا وكذلك أهل الجنة يتذكرون ما كان لهم في الدنيا. قال الله تبارك وتعالى في سورة الصافات : (( قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون قال هل أنتم مطلعون )) يقول لأصحابه الذين معه في الجنة : (( فاطلع فرآه في سواء الجحيم )) رأى من ؟ قرينه. قال له ((تالله إن كنت لتردين)) وهو يسمع هذا في أعلى عليين وهذا في أسفل السافلين يسمع تالله ((إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين)) أي من المحضرين في العذاب كما أنت محضر في العذاب.
و من فوائد هذه الآية قصور عقل أهل النار حيث قالوا كنا نعدهم من الأشرار لأنه إذا لم يروهم الآن فإنهم إما ليسوا في النار و إما أن هؤلاء قد زاغت أبصارهم و قد صدقوا في ذلك في قولهم : (( اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار )) فيقال إن الواقع أنكم الآن مقصرون إما في الدنيا و إما في الآخرة إن كنتم اتخذتموهم سخريا فهذا تقصير في الدنيا و إن كانت أبصاركم زاغت عنهم فهذا قصور في الآخرة.
و من فوائد هذه الآيات أن هذا الخصام الذي يقع بين أهل النار حق لقوله ((إن ذلك لحق)) و يتفرع على هذه الفائدة أنه يجب على كل أحد ألا يغتر بالسادة و المتبوعين بل يكون دأبه دأب نفسه