التعليق على تفسير الجلالين : (( رب السموات والأرض وما بينهما العزيز )) الغالب على أمره (( الغفار )) لأوليائه . حفظ
(( رب )) هذه بدل من الله. و يجوز أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هو رب. (( والسماوات الأرض )) سبق الكلام عليهما كثيرا وقوله ما بينهما أي من المخلوقات العظيمة التي نعلمها والتي لا نعلمها. وقد سبق لنا أن كون الله عز وجل يجعل ما بين السماء والأرض قسيما للسماوات و الأرض يدل على عظم ما بينهما ما المخلوقات التي لم نصل إلى الآن إلى غايتها.
و قوله (( العزيز )) قال المؤلف الغالب على أمره. و هذا أحد معاني العزيز لأن العزيز له ثلاثة معاني : العزيز بمعنى ذو القدر والشرف العزيز بمعنى القهر والغلبة العزيز بمعنى الذي يمتنع أن يناله السوء مأخوذ من أرض عزاز أي صلبة لا تؤثر فيها الفؤوس. إذا العزة لها ثلاثة معاني عزة القدر وعزة القدر وعزة الامتناع يعني يمتنع أن يناله السوء سبحانه وتعالى.
و قوله (( الغفار )) يعني الكثير المغفرة و لنا أن نجعلها أيضا نسبة أي أنه موصوف بالمغفرة دائما فما أكثر من يغفر الله لهم وما أكثر الذنوب التي يغفرها الله عز وجل. و هنا قرن العزة بالمغفرة فأكسب معنى ثالثا غير العزة و المغفرة و هي أنه مع عزته وغلبته وقهره هو مع ذلك غفار بخلاف من يتصف بالعزة من المخلوقين فإنه قد يكون العزة تغلب مغفرته أو من يتصف بالمغفرة فيكون عنده ضعف و ليس عنده عزة فإذا اجتمعت العزة والمغفرة حصل من ذلك معنى مركب من اجتماعهما و هو أكل ممن لو انفرد أحدهما.....
و لا شك أن غلبة المغفرة فيها نقص و غلبة العزة على المغفرة فيها نقص فإذا اجتمعا جميعا صار هذا أكمل أي أن عزته و غلبته و قهره لا تخلوا من مغفرة طيب.