التعليق على تفسير الجلالين : (( قل )) لهم (( هو نبؤا عظيم * أنتم عنه معرضون )) أي القرآن الذي أنبأتكم به وجئتكم فيه بما لا يعلم إلا بوحي وهو قوله : (( ما كان لى من علم بالملإ الأعلى )) أي الملائكة (( إذ يختصمون )) في شأن آدم حين قال الله تعالى : (( إني جاعل فى الارض خليفة )) [ 30 : 2 ] (( إن )) ما (( يوحى إلى إلا أنمآ أنا )) أي إني (( نذير مبين )) بين الإنذار . حفظ
يقول (( قل لهم هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون )). (( هو )) أي النبأ الذي أنبأتكم به والذي جئت به منذرا نبأ عظيم. النبأ بمعنى الخبر لكنه لا يكون إلا في الأمر الهام قال الله تعالى : (( عم يتساءلون عن النبأ العظيم )) فالنبأ خبر لكنه في الأمور الهامة. و وصف الله هذا النبأ بأنه (( عظيم )) وهو القرآن وقد وصف الله القرآن بأنه عظيم و كريم و مجيد لأنه يتصف بهذه الصفات و من أخذ به ناله من هذه الأوصاف بقدر ما أخذ به. (( أنتم عنه معرضون )) أي القرآن الذي أنبأتكم به وجئتكم فيه بما لا يعلم إلا بوحي. قوله (( أنتم عنه معرضون )) جملة استئنافية يراد بها شدة الشناعة على هؤلاء المكذبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهم مع هذا النبأ العظيم لم يقبلوا عليه بل أعرضوا عنه ولم يلتفتوا إليه ولم يقيموا له وزنا يقول : (( ما كان لي من علم بالملأ الأعلى )). يعني هذا النبأ العظيم لا يمكن لي أن آتي به من عند نفسي لأن ليس لي من علم (( بالملأ الأعلى )) يعني الملائكة فهم ملأ لكنهم فوق إذ أن الأصل في مساكنهم السماوات و لكن ينزلون إلى الأرض لأداء الوظائف التي كلفوا بها. (( ما كان لي من علم بالملأ الأعلى )) أي الملائكة إذ يخصمون في شأن آدم حين قل الله تعالى : (( إني جاعل في الأرض خليفة )) إلى آخره. الصحيح أن معنى الآية أعم مما قاله المؤلف يعني ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون في شأن آدم و في الدرجات العلا و غيرها مما يختصم فيه الملائكة و يرجعون فيه إلى الله. يقول (( إنما )) أفادنا المؤلف أن إن هنا نافية وهو أحد معانيها. و قوله (( يوحى إلي إلا إنما )) هذه هي التي دلت على أن إن نافية إلا أنما أنا أي أني نذير مبين قوله أي أني تفسير لأنما أنا لأن أصله أني لكن دخلت ما الكافة على أن ولما دخلت ما الكافة على أن أبطلت عملها أليس كذلك ؟ ثم لما دخلت عليها لزم أن ينفصل الضمير المتصل أين الضمير المتصل ؟ أني هذا الأصل تخلى معنا أن فصلت الآن بين أن والضمير. والضمير المتصل إذا وجد ما يفصله عما اتصل به صار منفصلا. لأنه متصل على اسمه فإذا وجد ما يفصله عن ما اتصل به وجب انفصاله. فهنا تكون أنا هي الياء في قول المؤلف أني طيب إلا أنما أنا لكن إذا جاءت إلا أنما أنا تكون أشد تأكيدا للحصر لأن الحصر الآن استفدناه من قوله (( إن يوحى إلي إلا أنما )) و استفدناه أيضا من قوله أنما أنا نذير مبين فحصر حال النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نذير مبين. و هذا الحصر كما تعلمون حصر إضافي. أي إنما أنا في هذه المسألة خاصة وهو الوحي نذير مبين وإلا فإنه بشر ينسى ويأكل ويشرب ويبشر فالحصر إذن إضافي بحسب السياق. و قوله (( مبين )) قال المؤلف بين الإنذار و الصواب مظهر إنما أنا نذير مبين أي مظهر وليست من أبان اللازمة بل هي من أبان المتعدية لأن كلمة أبان تكون لازمة كما تقول أبان الصبح أي ظهر و تكون متعدية كما لو قلت هذا مبين لهذا أي مظهر له فالصواب أن مبين هنا بمعنى مظهر.