فوائد قول الله تعالى : (( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين )) . حفظ
إثبات أنه صلى الله عليه وسلم مبين لكل ما أنذر به لأن معنى مبين ؟
الطالب : معنى مبين...
الشيخ :لا. هذا كلام المؤلف. لكن نحن ذكرنا معناً آخر.
نعم . مظهر. مظهر للحق و الوحي الذي جاء به.
و من فوائدها أنه لا يمكن أن يكون في شريعة النبي صلى الله عليه وسلم شيء مجهول أبدا. بل كل ما جاء به فهو بين لكن الجهل أمر نسبي قد يكون المجهول شيئا معينا لبعض الناس و هو بين معلوم لأناس آخرين. ثم قال تعالى (( إذا قال ربك للملائكة )) إلى آخر الآيات. في هذه الآيات إثبات الكلام لله عز وجل لقوله : (( إذا قال ربك للملائكة إني خالق )). و إثبات أن كلامه بصوت مسموع تسمعه الملائكة في هذه القصة. و إثبات أنه بحرف أي بحروف متتابعة يتبع بعضها بعضا لقوله : (( إني خالق بشرا من طين )) و كل هذا تأييد لمذهب أهل السنة و الجماعة. و فيه أيضا إثبات أن الكلام يتعلق بمشيئته حيث ذكره هذا القول في وقت معين. و في هذا رد على مذهب من سوى أهل السنة و الجماعة من الأشاعرة و المعتزلة و غيرهم.
و من فوائد هذه الآيات إثبات الخلق لله و أنه متعلق بمشيئته لقوله : (( إني خالق بشرا )) أي سأخلقه.
و من فوائدها إثبات أن أصل بني آدم هو الطين و لهذا جاءت طبائع بني آدم و ألوان بني آدم جاءت مختلفة كاختلاف تربة الأرض : فيها السهل و اللين و الأحمر و الأبيض و الأسود و الحزن و الصعب لأنهم خلقوا من هذه التربة فصار اختلافهم كاختلاف الأصل الذي خلقوا منه. و فيه إثبات أن بني آدم خلقوا من الطين و في آية أخرى أنهم خلقوا من تراب و في آية ثالثة من صلصال كالفخار و لا منافاة بين هذه الأشياء أو بين هذه الآيات لأن التراب أصله طين و الطين أصل الصلصال الذي كالفخار فإنه تراب يضاف إليه الماء يكون طينا يمكث مدة ثم يتحجر فيكون صلصال .
و من فوائد هذه الآيات إثبات الأفعال لله سبحانه و تعالى لقوله (( فإذا سويته )) و أن أفعاله تتعلق بمشيئته لأن إذا شرطية تفيد المستقبل .
و من فوائد هذه الآيات أن الله تعالى أتم خلق آدم و سواه كما قال تعالى : (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) .
و من فوائدها تشريف الروح التي نفخت في آدم لقوله : (( ونفخت فيه من روحي )) و هذا تشريف من وجهين: الوجه الأول أن الله هو الذي نفخ و لم يأمر أحدا من الملائكة بنفخها ، و الثاني أن الله أَضاف هذه الروح إلى نفسه المقدسة .
و من فوائد الآية أن العبادة طاعة الله على أي وجه كانت حتى وإن كانت محرمة في وقت من الأوقات لقوله : (( فقعوا له ساجدين )) و السجود لغير الله شرك لكن لما أمر الله به صار طاعة و صار الاستكبار عنه كفرا.
و من فوائد هذه الآيات جواز تعليق الأمر بالشرط لقوله (( فإذا سويته )) و يتفرع على هذا أنه إذا جاز تعليق الأمر بالشرط فإن المأمور به أيضا يمكن أن ينفذ فيه الشرط. و لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير و قد اشتكت إليه عند إرادة الحج قال : ( حجي و اشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما استثنيتني ).
و من فوائد هذه الآيات أن الملائكة ذوو عقول يصح توجيه الخطاب إليهم و ائتمارهم لقوله (( فقعوا له ساجدين )) ثم قال فسجد الملائكة .
و من فوائد هذه الآيات أن الملائكة كلهم سجدوا و ظاهره أن الملائكة سجدوا لا الذين في السماء في الدنيا و لا في الثالثة و لا في الرابعة لأن الآية عامة مؤكد عمومها بمؤكدين .
و من فوائد الآيات الكريمة جواز توجه الخطاب إلى العموم و إن كان فيه من غير الجنس لقوله (( إلا إبليس )) فإن إبليس بلا شك من غير الملائكة أصلا و نهاية لكنه كان فيهم فصح أن يتوجه الخطاب إليه. و هذا ظاهر لو أنك أمرت أحدا جماعة بالسجود و فيهم من ليس منهم لكنه على صفتهم و يعمل بعملهم و تخلف لابد أن تلومه لأن الخطاب موجه للجميع .
و من فوائد هذه الآيات أن الاسم قد يحمل معنى المسمى لأن إبليس يبدوا أنه اسم عربي من الإبلاس لأنه آيس من رحمة الله عز وجل .
و من فوائد هذه الآيات ذم الاستكبار عن أمر الله لقوله: (( استكبر )).
و من فوائد هذه الآيات أن الاستكبار عن أمر الله كفر لقوله (( و كان من الكافرين )) يعني كان باستكباره من الكافرين. و فرع بعض العلماء على هذا أن تارك الصلاة يكون كافرا لأنه إذا كان إبليس كفر بترك سجدة فما بالك بالذي يترك سجدات و ركوعات و قيام و قعود نعم و هذا ليس ببعيد. يعني الاستدلال بهذه الآية على كفر تارك الصلاة ليس ببعيد.