تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا (( يرضه )) بسكون الهاء وضمها مع إشباع ودونه : أي الشكر (( لكم )) . حفظ
طيب إذًا (يرض) هذه جواب الشرط وهو مجزوم بحذف الألف وأصلها (يرضى) ولكن حُذِفَت الألف، للجزم، طيب قال: " (يرضَه) بسكُون الهاء " أقرا (( يَرْضَهْ لكم )) (( وإن تشكروا يرضَهْ لكم )) وهذا خفيف جدا تسكينُها يعني تقرأُه بخفة، الثاني يقول: " وضَمِّهَا " (( يرضَهُ )) في حال الضم " مع إشباع ودونه " إشباع (( يرضَهُ لكم )) تُشْبِعها حتى يخرج منها واو، " ودونه " تحذِف الواو إذا نقرأ: (( وإن تشكروا يرضَهْ لكم )) (( وإن تشكروا يرضَهُ لكم )) (( وإن تشكروا يرضَهُ لكم )) كلُّ هذا جائز قراءة سبعية متواترة وكما مر علينا -ونعيده من أجل الإخوان الجدد- أنه ينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن بجميع القراءات، لأن الكلَّ حق فلا ينبغي أن نهجُر حقًّا من الحقوق ولكن بشرط أن يكون متيَقِّنًا القراءة فلا يكفي غلبة الظن لا بد يتيقن وإلا قرأ في المتيَقَّن عنده، شرط آخر ألا يكون عند العامة، لأن العامة إذا قرأت عندهم قراءة تخالف مصحفهم صار في ذلك تشويش عليهم تشويش عليهم بالنسبة للقرآن وسوءُ ظن بالنسبة إليك، ورحم الله امرأً كفَّ الريبة عن نفسه، أما في مقام التعليم أو في القراءة بينك وبين نفسك فإنه ينبغي إذا كنت عالمـًا بالقراءة أن تقرأ بها أحيانًا بهذا أحيانًا وبهذا أحيانًا، فمثل (( الرحمن الرحيم * مَلِك اليوم الدين )) فيها قراءة (( ملِك )) وقراءة (( مالك )) اقرأ بها مرة هنا مرة بهذا ومرة بهذا، نعم، يقول: (( وإن تشكروا يرضَه لكم )) (يرضه) قال المؤلف:" أي الشكر " فما هو الشكر؟ الشكر حدَّه بعضهم بحدٍّ جامع مانع فقال: الشكر هو القيام بطاعة الـمُنْعِم اعترافًا له بالجميل، ويكون بالقلب واللسان والجوارح وعلى هذا قول الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحَجَّبا
نعم إذًا الشكر يا عبد الله؟
الطالب: القيام بطاعة الله
الشيخ : بطاعة المنعم
الطالب: بطاعة المنعم على وجه
الشيخ : اعترافًا له بالجميل، طيب أين محله؟
الطالب: محله القلب واللسان والجوارح
الشيخ : نعم، طيب، القلب أن يؤمن الانسان بقلبه بأنَّ هذه النعمة أو هذه النِّعَم مِن الله عز و وجل تفضُّلًا منه ولا يقول: هذا لي أُوتِيتُه على علم عندي بل يقول: هذا من فضل ربي، الثاني: باللسان أن يتعبد لله بكل قول شرعَه، ومن ذلك أن يتحَدَّث بنعمة الله فإنَّ هذا من الشكر، لأنه قول مشروع قال الله تعالى: (( واما بنعمة ربك فحدث ))، وأما الجوارح فظاهر أن تُظْهِرَ نعمة الله عليك بالجوارح فمثلًا إذا أعطاك الله قوة وشجاعة تُظْهِر ذلك بالقوة في ذات الله من جهاد الكفار والمنافقين وغيرِهم المهم أن تَظْهَرَ عليك أثرُ النعمة في أفعالك فتقوم بعبادة المنعم عز وجل.
يقول: " (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا " يعني فتؤمنوا الايمان المستَلْزِم للعمل الصالح لا مجرد الإيمان بالله عز وجل، الإيمان بالله لا يكون إيمانًا حقيقِيًّا حتى يستلزم القبول والاذعان، انتبهوا يا جماعة، كثيرٌ من العامة يظنون أن الايمان بالله أن تؤمن بوجود الله فقط هذا خطأ بل الإيمان بالله هو الإيمان المستلزم للقبول والإذعان: القبول لِمَا أَمر به وانشراح الصدر به، والإذعان الانقياد التام قال الله تعالى: (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))، على رأي مَن يقول: إنَّ الإيمان هو الإيمان بوجود الله يظنُّون أنَّ اليهود والنصارى ايش؟ مؤمنون وقد يصَرِّحُون بهذا يقول: النصراني مؤمن يؤمن بالله وإذا مات له شخص قال: رحمه الله، واليهود كذلك، نقول: هذا ليس هو الإيمان بالله، الإيمان بالله لا يصح ولا يتم: لا يصح مو لا يتم فقط لا يصِحّ إلَّا بالقبول والإذعان، القبول لِمَا جاء به الوحي والإذعان الانقياد التام.