التعليق على تفسير الجلالين : (( أمن )) بتخفيف الميم (( هو قانت )) قائم بوظائف الطاعات (( ءاناء اليل )) ساعاته (( ساجدا وقائما )) للصلاة (( يحذر الاخرة )) أي يخاف عذابها (( ويرجوا رحمة )) جنة (( ربه )) كمن هو عاص بالكفر أو غيره؟ وفي قراءة (( أم من )) فأم بمعنى بل والهمزة (( قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))أي لا يستويان كما لا يستوي العالم والجاهل (( إنما يتذكر )) يتعظ (( أولوا الألباب )) أصحاب العقول . حفظ
يقول عز وجل: (( أَمَن هو قانِتٌ آناء الليل )) إلى آخره (أمن هو) قال:" أَمَن بتخفيف الميم " أَمَن وعلى هذا فتكون الكلمة مركبة مِن همزة الاستفهام و(مَن) من الاستفهامية، بل مَن الموصولة همزة الاستفهام و(مَن) الموصولة أي: آلَّذِي هو قانت إلى الآخر، " (( هو قانت )) قائم بوظائف الطاعات " القنوت يطلق على معان متعددة منها الخشوع كقوله تعالى: (( وقوموا لله قانتين ))، ومنها الدعاء في الوتر أو في الفرائض عند النوازل، ومنها دوام الطاعة كقوله تعالى: (( وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ )) ومثال الأول (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ )) أي خاشعين ولهذا لَمَّا نزلت هذه الآية أُمِر الصحابة بالسكوت ونُهُوا عن الكلام، نعم فهنا (قانت) من أي المعاني الثلاثة؟
الطالب: دوام الطاعة
الشيخ : مِن دوام الطاعة، نعم، (( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ )) قال المؤلف: " قائمٌ بوظائف الطاعات " يعني مُدِيمٌ لها، " (( آناء الليل )) آناء الليل يعني ساعاتِه (( ساجِدًا وقَائِمًا )) في الصلاة " (ساجدا وقائما) نصَّ على السجود وعلى القيام دون الركوع والقعود، لأنَّ السجود شريف بهيئته والقيام شريف بذِكْرِه، كيف؟ السُّجُود شريف بهيئته أفضل هيئة للمصلي أن يكون ساجدًا ولهذا كان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، والقيام شريف بذِكْرِه ما هو ذِكْرُه؟ القران كلام الله وكلام الله تعالى أشرف الكلام فلهذا نصَّ على هذين الأمرين أو على هذين الركنين من أركان الصلاة القيام والسجود، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا سجد يُسمَع لصدرِه أزيزٌ كأَزِيزِ الـمِرْجَل القِدْر الذي يَغْلِي وكان عليه الصلاة والسلام إذا قام لا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية وعيدٍ إلا تعوذ، ولا بآية تسبيح إلا سبَّح، وهذا يدل على أنَّ القائم في الليل ينبغي له أن يلاحظ هذا يلاحظ قوة الخشوع في حال السجود والبُكاء، ويلاحظ أيضًا حضور القلب أثناء القراءة لِيُتَابِع إذا مرَّ بآية رحمة سأل وبآية وَعِيد تعوذ وبآية تسبيح سبَّح، قائمًا وقاعدًا ساجدًا وقائمًا، " (( يحذر الآخرة )) أي يخافُ عذابها (( ويرجُو رحمة ربه )) جنة (( ربه )) " طيب هنا قوله: (( يحذر الآخرة )) هذه حال حالَ كونِه يحذَر الآخرة، وحالٌ مقارِنَة لقولِه: (( ساجدًا وقائمًا )) يعني حال كونِه في سجوده وقيامه يحذَرُ الآخرة أي يخافها وليس يخاف وقوعَها، لأنَّ وقوعها لا بد لكن يخاف عذابَها يخاف أن يُعَذَّب، (( ويرجو رحمة ربه )) يقول المؤلف: جنته ولا شك أنَّ الرحمة يراد بها الجنة كما قال الله تعالى للجنة: ( أنت رحمتي أرحَمُ بك مَن أشاء ) ولكن يراد بالرحمة معنًى آخر وهي فعل الله بالعبد أي رحمتُه للعبد فأيُّهما أولى في هذه الآية الأخ! أيهما أولى؟
الطالب: ... الرحمة بالمعنى ...
الشيخ : أي، نعم
الطالب: (( يحذر الآخرة )) أي يحذر عذاب الآخرة، ويرجو رحمة الله يعني يحذر النار ويرجو الجنة.
الشيخ : أي نعم هذا ما ذهب اليه المؤلف، لكن لماذا لا نقول: يرجو أن يرحمه الله ويكون المراد بالرحمة هنا رحمة الله التي هي فعلُه يعني يرجو أن يرحمه اللهُ بالأمرين بالنجاة من النار وبدخول الجنة هذا المعنى أحسن، لأن المتبادر في الغالب لمعنى الرحمة أن تكون فعل الله يعني أنَّ الله يرحمك، وأيضًا إذا قلنا رحمة الله صار يرجو أن ينجو من النار أو من عذاب الآخرة وأن يفوز بالجنة، (( ويرجو رحمة ربه )) قال: " كمَن هو عاص بالكفر أو غيره "