تتمة فوائد قول الله تعالى : (( ... وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار )) . حفظ
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ الله عز وجل لا نِدَّ له، لأنَّ الله أنكر على مَن جعل له أندادًا فيكون في هذا رَدٌّ على أهل التمثيل الذين أثبتوا لله الصفات مع التَّمثيل فقالوا: إن الله تعالى له وجه كوجوهنا ويد كايدينا وعين كأعيننا وساق كسُوقِنا وهكذا، نقول: كلامكم هذا كذب وأنتم وأهل التعطيل سواء، لأنكم أنتم عطلْتُم النص عن مدلوله الصحيح، إذ أن مدلول النصوص في صفات الله صفاتٌ لائقة بالله عز وجل فإذا جعلتموها للتمثيل حَرّفْتُمُوها، وعلى هذا فيكون في الآية ردٌّ على من؟ على أهل التمثيل الذين أثبتوا الصفات لله عز وجل مع التمثيل، نقول: هذا الفعل منكم تعطِيل في الحقيقة، تعطيل لماذا؟ لِمَدْلول النص الصحيح، لأَنَّ مدلولَ النص فيما يتعلق بالصفات صفاتٌ لائقة بالله عز وجل.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ هؤلاء الكفار يحرصون على أن يَضِلَّ الناس بفعلهم، لقوله: (( لِيُضِلَّ عن سبيله )) (لِيُضِلّ) على قراءة الضم (( لِيُضِلَّ عن سبيله )).
ومن فوائدها أنَّه كما يكون الاقتداء بالقول يكون الاقتداء بالفعل كيف ذلك؟ لأنَّ هذا الكافر جعلَ لله أندادًا وكان جعلُه الأنداد سببًا؟ لضلَالِ غيرِه.
ويتفرع على هذا فائدة وهي تحذيرُ الإنسان -ولا سيما القدوة- من المخالَفَة، تحذير الانسان -ولا سيما القدوةُ- من المخالفة، لأنَّ الناس سوف يقتدون به ويحتَجُّون بفعلِه عرفْتُم؟ فمثلًا طالبُ العلم إذا قام إلى الصلاة يكثر الحركة يكثر الحركة مرة يحُكّ رأسه ومرة يحك ظهره ومرة يحك بطنه ومرة يعرِك عينه ومرة يعني ينظُر ساعتَه ومرة يكتب ما تذَكَّر في صلاتِه، إذا كان هذا طالب العلم يفعَل هذا الشيء فإنَّ الناس سوف يقتَدُون به لو أُنْكِر على واحدٍ من الناس كثرةُ الحركة لقال: فلان يفعَل. ولهذا أحيانًا ننكر على بعض الناس المعاملات الرِّبوية التَّحَيُّلِيَّة فيقولون: فلان يفعل كذا مِن الناس ممن هو من طلبة العلم، فالناس يحتجون وهذه الآية تدل على أن الاقتداء يكون بالفعل، لقوله: (( وجعلَ لله أندادًا لِيُضِلَّ عن سبيله )) ولم يقل: ودعا الناس ليَضِلُّوا عن سبيله بل جعلَ فعلَه سببًا لِضَلال الناس سببا لضلَال الناس وهذا يدل على: الاقتداء بالفعل كالقول، طيب وأما على قراءة الفتح فيُؤْخذ منه فائدة وهي أنَّ جَعْلَ الأنداد لله ضلال، لقولِه: (( لِيَضِلَّ عن سبيلِه )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة تهديد هؤلاء الكفار الذين اتخذوا من دون الله أندادًا تؤخذ يا رشيد؟
الطالب: (( قل تمتع ))
الشيخ : من قوله: (( قل تمتع بكفرك قليلا )) وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى صفةَ هذا التمتع فقال: (( والَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ )) البهائم (( وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ )).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ الدنيا مهما طالت فهي قليلة ولا تُنْسَب للآخرة ولهذا قال الله عز وجل: (( وللآخرة خير لك من الأولى )) يقول للرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول للعموم: (( بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى ))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لَمَوْضِعُ سوط أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها ) موضِع السوط السوط عصا قصيرة خيرٌ من الدنيا وما فيها، من الدنيا أي دنيا؟ كلِّها منذ نشأَتْ إلى قيام الساعة بما فيها من الزَّخارف واللهو والزينة، خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولهذا قال: تمتَّع قليلًا فهذه المتعة للكافر وإن كان ينالُ شهوتَه فهي قليلة زمنًا وقليلة كَمِّيَّة وقليلة كيفية.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ الكفار ملازمون للنار لا يخرجون منها
الطالب: (( أصحاب النار ))
الشيخ : لقوله: (( أصحاب النار )) لأنَّ الصاحِب ملازِم، والملازم.
ومن فوائد الآية الكريمة مخاطبة الإنسان بما يليق بحاله فهذا الكافر المعانِد الذي بدَّل نعمةَ الله كفرًا يخاطب بهذا الخطاب القاسي وهو؟ (( تمتَّعْ بكفرك قليلًا إنك من أصحاب النار )) بينما لو كانت المسألة مسألة دعوة ما قابلناه هذه المقابلة، لا نقول لمن ندعوه للإسلام: تمتع بكفرك قليلًا إنك من أصحاب النار لكن نقوله لِمَن؟ عاند وكابَر وبدَّل نعمة الله كفرًا.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبات النار، لقوله: (( إنك مِن أصحاب النار )) ويجب علينا في إثبات النار شيئان: الأول: إثباتُ وجودِها الآن وأنها موجودة فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عُرِضَت عليه الجنة وعرضت عليه النار في صلاة الكسوف وشاهدَها ورأى مَن يُعَذَّبُ فيها رأى فيها امرأةً تعذَّب بهرةٍ حبستها حتى ماتت، ورأى فيها صاحبَ الِمحْجَن يُعذَّب، صاحب المحجن رجل معه مِحْجَن والمحجَن تعرفونه؟
الطالب: ... عصا
الشيخ : هو عندنا في اللغة العامية مِحْجَان، مِحْجَن عصا محنِيَّة الرأس، هذا الرجل يمُرّ بالحجاج فيشبِك المتاع متاع الحاج برأس المحجن فإن تَفَطَّنَ له صاحب المتاع قال: والله هذا المحجن، المحجَن أمسك به سامحني ممكن يقول: سامحني أو ما يقولها لكن يمكن بعض الناس يقول هكذا، وإن لم يَتَفَطَّن له أخذَه، فرآه النبي عليه الصلاة والسلام يعذَّب في النار بمحجنِه وهو يصلِّي صلاة الكسوف، ثم تأَخَّر النبي عليه الصلاة والسلام تأَخَّر مخافةَ أن يصِيبَه من لَفْح النار، إذًا فرؤيتُه إياها حِسِّيَّة، طيب هذا واحد الشيء الثاني، يجب أن نؤمن بأنَّ النار مؤَبَّدَة أبد الآبِدِين يعذَّب فيها أهلُها ما هم عنها بمخرجين وهي مؤبَّدَة دائمًا، لأنَّ الله تعالى ذكَر تأبيدَها في ثلاثة مواضع مِن القرآن: الموضع الأول في سورة النساء والموضع الثاني في سورة الأحزاب والموضع الثالث في سورة الجن، وهدايةُ الله يبين لنا الموضع الأول في سورة الأحزاب؟
الطالب: ...
الشيخ : في سورة النساء قصدي؟
الطالب: حق ايش؟
الشيخ : أنَّ الله ذكر أنَّ النار مؤبدة؟
الطالب: (( إن الله لعن الكافرين وأعد ))
الشيخ : لا لا لا، في سورة النساء
الطالب: ...
الشيخ : لا لا
الطالب: قوله تعالى: (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ))
الشيخ : لا
الطالب: (( إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))
الشيخ : أحسنت تمام، هذي صريحة (خالدين فيها أبدًا)، طيب الموضع الثاني في سورة الاحزاب مَن؟
الطالب: قوله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا )).
الشيخ : نعم (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا )) الموضع الثالث في سورة الجن؟
الطالب: (( ومنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خالدين فيها ))
الشيخ : وين التأبيد؟
الطالب: (( ومنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))
الشيخ : (( فإنَّ له ))
الطالب: (( فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ))
الشيخ : نعم، وين التأبيد؟
الطالب: (( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))
الشيخ : (( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )) تمام، بعد هذا لا يمكن أن نقبل قولًا من أيِّ عالم كان بأَنَّ النار غير مؤبدة، ولا نقابل هذا النصّ الصَّرِيح بقياسات، لأنَّ قولَه تعالى: ( إنَّ رحْمَتِي سبَقَت غضبي ) هذا صحيح نصّ محكَم وخبرٌ صادِق لكن الخبر يجوز تخصيصه فنقول: أهل النار ليسوا أهلًا للرحمة، وعقوبة الله إيَّاهم على التأبيد هي من كمال عدلِه وحكمتِه، من كمال العدل والحكمة فكما أمضَوا اعمارهم بالكفر كلّ الدنيا أفنوها بالكفر، فالآخرة أيضًا تذهب عليهم بالجزاء والعقوبة، هذا هو العدل وهذه الحكمة أليس كذلك؟ نقول: عمرك في الدنيا كله مضى بالكفر مضى في الكفر، إذًا حياتك في الآخرة تمضِي بالجزاء والعقوبة لا حياةَ لك في الاخرة كما أنه لم يكن لك حياةٌ في الدنيا بطاعة الله. ما انتهى الوقت يا شيخ.
نعم، يقول: من فوائد الآية نعم (( إنك من أصحاب النار ))