تفسير قول الله تعالى : (( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون )). حفظ
ثم قال تعالى : (( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون )) الزمر 27 ((ضربنا )) أي جعلنا ولعل الضرب أخص من الجعل أي بيّنا للناس في كل مثل في هذا القرآن من كل مثل وال والجملة هنا مؤكده بمؤكدات ثلاثة وهي : اللام وقد والقسم المقدر لأن تقدير الكلام في مثل هذا التقييد : والله لقد فيكون مؤكِداً مؤكداً بمؤكدات ثلاث بل بمؤكدات ثلاثة وقوله : " (( ولقد ضربنا للناس )) إذا قال قائل كيف يؤكد هذا وهو أمر معلوم والغالب أن التأكيد إنما يصار إليه للحاجة إليه والجواب : أن التأكيد قد يكون للحاجة إليه عندما يكون المخاطب شاكاً أو منكراً وقد يكون التأكيد لأهمية مؤكده وإن لم يكن ثم إنكار أو ... وها وهذا منه ومنه هذه الآية فإن ضرب الله أمثال للناس في القرآن أمر محسوس مدرك ولكن لأهميته أكده الله عز وجل (( للناس في هذا القرآن من كل مثل )) أي من كل شبه ف... الله تعالى الأشباه والنظائر ليحذر من كان على مثل هذا النظير وهذا الشبيه حتى لايقوم بمثل مافعل .
(( لعلهم يتذكرون َّ )) أي يتعظون ولعل هنا للتعليل وهو أحد معانيها ومن معانيها الترجي مثل : لعل الحبيب قادم ومن معانيها الإشفاق مثل : لعل الحبيب هالك ففي الأول لعل الحبيب قادم رجاء وفي الثاني إشفاق وهي أخشى أن يكون هالك وتأتي للتعليل كما في هذه الآية وكما في قوله تعالى : (( يَا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) وهل من مثال ثالث ؟
الطالب : ...
الشيخ : لا
الطالب : ...
الشيخ : نعم
الطالب : ...
الشيخ : (( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ً)) قد يكون هذا للتوقع
الطالب : ...
الشيخ : (( لعلك باخع نفسك َ )) للتوقع أيضا هي في القرآن كثير
الطالب : ...
الشيخ : نعم ؟
الطالب : ...
الشيخ : لعل ... للترجي
الطالب : ...
الشيخ : ويحت ويحتمل أن تكون للتعليل يحتمل أن تكون للتعليل ومنه كثير في القرآن لعلّ فيظن بعض الناس أنها للترجي في كل في كل مكان فيقول كيف يترجى الله عز وجل الشيء وهو قادر على كل شيء ؟ نقول : لعل إذا جاءت ... فهي للتعليل وقوله : (( يتذكرون )) يعني يتعظون وأن هذا هو الغرض من ضرب الأمثال .
(( قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون )) (( قُرآناً )) هذه حال و (( عربيا )) حال أخرى لأن هذا القرآن الذي فيه من كل مثل هو قرآن والقرآن تأتي بمعنى المصدر وتأتي بمعنى اسم الفاعل أو المفعول فمن إتيانها مصدراً : الغفران والشكران وأنا أقصد أقصد بهذا وزن فعلان تأتي مصدر مثل الغفران والشكران والقرآن وهذا المصدر من لفظ القرآن يحتمل أنه بمعنى اسم مفعول فقرآن بمعنى مقروء وعلى هذا فيكون بمعنى متلوّ ويحتمل أن يكون اسم فاعل بمعنى قاريء وهو من قرأ الماء إذا جمعه في الحوض والقرآن إذا تأملت وجدت أن الوصفين ينطبقان عليه فهو متلوّ وجامع ... ولهذا قال علماء العلماء في أصول التفسير أنه يصح أن يكون بمعنى اسم فاعل ويصح أن يكون بمعنى اسم مفعول وقوله : (( عربيا )) أي باللغة العربية التي هي لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولسان القوم الذين بُعث فيهم والعربية هي أكثر الألسنة وأعربها وأفصحها وأبينها ولهذا اختار الله اختارها الله عز وجل لرسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإن قيل : أليس في القرآن من الكلمات ما أصله عجميّ في القرآن ؟ بلى إي ولكن هذه الألفاظ التي أصلها غير عربي لما نطق بها العرب عربوها فصارت عربية . ولهذا لاتخلو هذه الكلمات المعربة من تغيير بعض الشيء لابد أن يكون فيها شيء من التغيير في الغالب فإذا نطق بها العرب واستخدموها وصارت في ألسنتهم صارت عربية عاربة ولا مستعربة ؟
الطالب : ...
الشيخ : مستعربة إذن هي كلمات مستعربة من قوم مستعربين أيضاً يعني أصل العرب مستعربين لأنهم ليسوا عرباً في الأصل فإسماعيل هو ابن ابراهيم وليس لغته عربية لكن لما جاء العرب ... على أم إسماعيل ونزلوا عندها صار عربياً واستمرت العروبة إلى يومنا هذا نعم .
يقول : "
(( ... قرآنا عربيا غير ذي عوج )) هذا ال الوصف سلبي وليس ثبوتياً (( غير ذي عوج )) واعلم أنه لايوجد في أوصاف القرآن ماهو سلبي محض لأن السلبية المحض ليس فيها مدح بل لا بل كل شيء وصف به القرآن على وجه النفي فإن ذلك لكمال ضده فإذا قال : (( غير ذي عوج )) أي لكمال استقامته بل قال الله تعالى : (( إن هذا القرآن يهدي للتى هي أقوم )) يهدي للتي هي أقوم فالقرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم في أمور الدين وفي أمور الدنيا على وجه ليس فيه اعوجاج بوجه من الوجوه ولهذا قال : (( غير ذي عوج لعلهم يتقون )) أي لأجل أن يتقوا فبيّن الله لنا هذا القرآن وجعله غير ذي عوج من أجل تقواه عز وجل .