فوائد قول الله تعالى : (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون )) . حفظ
في هذه الآية فوائد أولا: إقرار هؤلاء المشركين بالربوبية لقوله: (( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله )).
ومن فوائدها أن الإقرار بالربوبية لا ينفع العبد ولا يدخله في الإسلام، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاتل هؤلاء المقرين بالربوبية واستباح دمائهم ونسائهم وأموالهم، ولو كان إقرارهم بالربوبية نافعا لكانت دماؤهم معصومة وأموالهم معصومة وأهلوهم معصومين طيب.
ومن فوائد هذه الآية الرد بل الإبطال لما عرف المتكلمون به التوحيد، لأن عامة المتكلمين إذا فسروا التوحيد قالوا إنه ثلاثة أنواع: التوحيد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، هكذا يقولون توحيد الله ثلاثة أنواع: توحيده في ذاته وتوحيده في صفاته وتوحيده في أفعاله، فيقولون هو واحد في ذاته لا قسيم له، واحد في ذاته لا قسيم له ويعنون بذلك أنه ليس له وجه وليس له يد وليس له عين وما أشبه ذلك.
يقول: لو قلنا إن له هذه الصفات لزم أن يكون ذا أعضاء وهو سبحانه لا يتقسم فهو واحد في ذاته لا قسيم له. واحد في أفعاله لا شريك له، واحد في أفعاله لا شريك ثم يجلعون هذا النوع من التوحيد هو توحيد الألوهية، فيقولون: معنى قول القائل لا إله إلا الله أي لا قادر على الخلق والاختراع إلا الله.
الثالث واحد في صفاته لا شبيه له، كلام ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، ماذا يعنون بقولهم لا شبيه له؟ أي لا صفات له، لأنهم يعتقدون أن كل من أثبت لله صفه فهو مشبه، فهو واحد في صفاته لا شبيه له، هذا التنويع لو قرأته على عامي ماذا يقول عنه ؟ يقول: ما أحسنه ما أجمله.
واحد فى ذاته لا قسيم له سبحانه وتعالى ويسبح ويهلل، واحد في أفعاله لا شريك له كذلك، ... نعم واحد في صفاته لا شبيه له كذلك، لكن لا يدرى أن وراء الأكمة ما وراءها، يريدون بقولهم واحد في ذاته لا قسيم له أي ليس له صفات هي بالنسبة إلينا أعضاء مثل ؟ اليد والوجه والعين والقدم والساق.
واحد في أفعاله لا شريك له يريدون بذلك أن هذا هو معنى لا إله إلا الله، ولو كان هذا معنى لا إله إلا الله لكان المشكرون الذين قاتهلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنين موحدين، وهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ولا يقبلون هذا، ويقولون أجعل الألهة إلها واحدا، فتأمل كيف كان المشركون في الجاهلية يفهمون من التوحيد ما لا يفهمه هؤلاء المتكلمون، أعرفت وقد ذكر العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمة وغيره هذا المعنى، وقالوا المشركون خير في فهم التوحيد من هؤلاء المتكلمين، لأن هؤلاء التكلمين جعلوا التوحيد هو توحيد الربوبية فقط. وهذا لا ينكره المشركون، يقرون به وينكرون توحيد الألوهية، لأنهم يعرفون أن معنى لا إله إلا الله لا معبود حق إلا الله، يعرفون هذا، أما أولاء المتكلمون فإنهم لا يقيمون للألوهية وزنا يجعلونها بره، لا يدخلونها في أنواع التوحيد.
واحد في صفاته لا شبيه له ماذا يعنون ؟ يعنون تعطيل الصفات لأنهم يدعون أن كل من أثبت لله صفة فهو مشبه، فتبين بهذه الأية تبين بها الرد على أولئك المتكلمين الذين يجعلون توحيد الألوهية هو توحيد الربوبية، ويأتى إن شاء الله بقيه الكلام عليها.