التعليق على تفسير الجلالبين : (( تنزيل الكتاب )) القرآن مبتدأ (( من الله )) خبره (( العزيز )) في ملكه (( العليم )) بخلقه . حفظ
ثم قال الله عز وجل: " (( تنزيل الكتاب )) القرآن "يعني المراد بالكتاب هنا القرآن، مع أن الكتاب اسم جنس يحتمل أن تكون فيه أل للجنس فيشمل كل كتاب، ولكن الظاهر ما ذهب إليه المؤلف لأن المقصود بذلك تقرير كون هذا القرآن الذي نزل على المكذبين من عند الله عز وجل،
وقوله: " مبتدأ " يريد قوله: (( تنزيل )) أي أنها مبتدأ، والمبتدأ يحتاج إلى خبر، والخبر قوله: (( من الله )) ولهذا قال المفسر: " (( من الله )) خبره " تنزيل الكتاب من الله لا من غيره.
(( العزيز )) قال: " في ملكه (( العليم )) بخلقه " العزيز ذو العزة، وقد سبق أن عزة الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عزة القدر وعزة القهر وعزة الامتناع، وهو كذلك في كل موضع جاء العزيز فهذا هو معناه، أي أنه ذو عزة، والعزة ثلاثة أقسام: عزة القدر وعزة القهر وعزة الامتناع، أما عزة القدر فمعناها أنه ذو شرف وسيادة، وأما عزة القهر فمعناها أنه ذو غلبة وسلطان، وأما عزة الامتناع فمعناه أنه ذو امتناع عن كل نقص وعيب، وقد سبق الاستشهاد على هذه المعاني الثلاثة وبيان اشتقاقها، فيكون قول المؤلف: " (( العزيز )) في ملكه " فيه قصور لأنه جعله بمعنى الغالب فقط، والصواب ما ذكرنا لكم.
(( العليم )) قال: " بخلقه " والعليم أي ذو العلم، وعلم الله سبحانه وتعالى ليس بمحدود لا أولا ولا آخرا ولا مقدارا، علم الله تعالى واسع شامل لكل شيء، علم الله تعالى أزلي أي لم يسبقه جهل، علم الله تعالى أبدي أي لا يلحقه نسيان، فصار علم الله تعالى واسع شامل زمنا وكيفا، أي زمنا أي في المستقبل وفي الماضي، وكيفا أي أنه شامل لكل ما من شأنه أن يعلم.