فوائد قوله تعالى : (( وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار )) . حفظ
في هذه الآية الكريمة من الفوائد: إثبات تقدير الله عز وجل الأشياء.
في هذا إثبات أن الأشياء قد كتبت من قبل لقوله: (( حقت كلمة ربك )) وهذا لا ينافي إرسال الرسل ولا ينافي الأمر بما أمر به ولا النهي عما نهى الله عنه، لماذا ؟ لأن الله تعالى أعطى الإنسان عقلا ورشدا وبصيرة يعرف كيف يتصرف، فإذا أرسلت الرسل مع الفطرة الأولى ثم عاند فقد قامت عليه الحجة.
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات الكلام لله لقوله: (( كلمة ربك )) ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله تعالى يتكلم بكلام مسموع وبحرف يعني أنه يسمع ويفهم بحروفه مرتبة، فقوله جل وعلا : (( الحمد لله رب العالمين )) نعلم أن الهمزة قبل اللام واللام قبل الحاء والحاء قبل الميم والميم قبل الدال وهكذا، حروف مرتبة لم تأتي جملة واحدة، وإذا كانت مرتبة لزم من ذلك الحدوث حدوث الكلمات لأن ما بعد الأول واقع بعده فيكون بهذا دليل على حدوث كلام الله عز وجل، وليس المراد أصل الصفة لأن أصل الصفة أزلي لم تكن حادثة من قبل، فإن الله سبحانه وتعالى لم يزل بصفاته، لم يزل عليما لم يزل متكلما لم يزل سميعا لم يزل قديرا، لكن الصفة قد تحدث شيئا فشيئا باعتبار آحادها وأفرادها، أما ما كانت صفة معنوية فالحدوث ليس لها ولكن لمتعلقها، فسمع الله عز وجل هل نقول إنه حادث ؟ لا، هو لم يزل لكن الذي يحدث هو المسموع، الكلام يحدث نفس الكلام لأنه نوع من الفعل، وعلى هذا فنقول في الآية إثبات الكلام لله ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم بحرف مرتب وصوت مسموع.
طيب إذا قال قائل لو قلت إنه بحرف مرتب لزم أن يكون كلامه مشابها لكلام المخلوقين، فالجواب لا يلزم لأن الكلام لا يمكن أن يكون كلاما إلا بهذا، لكن صوت الرب عز وجل الذي يسمع ليس كأصوات المخلوقين لأن الصوت هو صفته، لكن الحروف صفة الكلام الذي تكلم به، وهي لا يمكن أن يكون كلاما إلا بترتيب بعضه بعد بعض.
ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله عز وجل برسوله صلى الله عليه وسلم، وجهه ؟ (( ربك )) حيث أضاف إليه الربوبية وهذه الربوبية خاصة، لأن ربوبية الله عز وجل نوعان: عامة وخاصة، فالعامة الشاملة لكل شيء والخاصة المختصة بما أضيفت له، استمع إلى قوله تعالى : (( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون )) في هذه ربوبية عامة وربوبية خاصة، العامة ؟ رب العالمين، والخاصة ؟ رب موسى وهارون.
(( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء )) الأول (( رب هذه البلدة )) يعني مكة الذي حرمها ربوبية خاصة (( وله كل شيء )) هذه عامة، إذن قوله: (( ربك )) من باب الربوبية الخاصة ولا شك أن أخص ربوبية تكون للمربوبين هي ربوبية الرسل ولاسيما أولي العزم منهم وهم خمسة: محمد إبراهيم موسى عيسى نوح عليهم الصلاة والسلام.
ومن فوائد الآية الكريمة: خلود الذين كفروا في النار لقوله: (( أنهم أصحاب النار )) وهل هذا الخلود أبدي أو إلى أمد ؟ أبدي، جاء ذلك في آيات ثلاث في القرآن في سورة النساء وفي سورة الأحزاب وفي سورة الجن.
ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير مما يوجب غضب الله وسخطه لئلا يكون الرجل قد حقت عليه كلمة الله عز وجل لأن قوله: (( كذلك )) أي مثل ذلك الذي حصل لهؤلاء المكذبين تحق كلمة الله عز وجل.