تفسير قوله تعالى : (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب )) . حفظ
ثم قال الله تعالى وهو ابتداء درسنا اليوم: (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب )) هو الذي يريكم أي يظهر لكم آياته حتى تروها، والضمير يعود إلى الله، فهو الذي له الحكم وهو العلي الكبير، ومع ذلك لم يدع عباده هملا، بل أراهم آياته حتى يؤمنوا،
فقوله: (( هو الذي يريكم آياته )) أي يظهرها لكم حتى تروها عيانا، والآيات هنا العلامات الدالة على معلومها، وهي أبلغ من المعجزات وما أشبهها. وآيات الله سبحانه وتعالى نوعان: آيات كونية وآيات شرعية، فالآيات الكونية: هي مخلوقات الله عز وجل، والآيات الشرعية: هي الوحي الذي جاءت به الرسل، كل المخلوقات آيات من آيات الله (( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون ))، (( ومن آياته خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ))، (( ومن آياته خلق السماء والأرض وما بث فيها من دابة )) والأمثلة على هذا كثيرة كلها تدل على خالقها عز وجل وعلى تفرده بالخلق، وعلى حكمته وعلى رحمته، وعلى عزته إلى غير ذلك من معاني الربوبية التي تدل عليها هذه الآيات، وقد تكون آية واحدة تدل على عدة آيات وعلى عدة أوصاف، هذه الآيات الكونية قلت لكم أنها شاملة لكل المخلوقات وفي هذا يقول القائل:
فوا عجبا كيف يعصى الإله أو كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
كل شيء تأمل فيه تجد الدلالة الكاملة على أن له خالقا مدبرا حكيما عليما إلى غير ذلك من معان الربوبية.
أما الآيات الشرعية فهي ما جاءت به الرسل وقد أرانا الله تعالى إياها وأعطى الرسل عليهم الصلاة والسلام من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، فالرسل لم يأتوا هكذا يقولون للناس: نحن رسل إليكم، بل أتوا بالآيات الدالة على ما أرسلوا به وعلى مرسلهم.
(( هو الذي يريكم آياته )) إذن الآيات تشمل الكونية والشرعية البرق آية كونية: (( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا )).