التعليق على تفسير الجلالين : (( والله يقضى بالحق والذين يدعون )) يعبدون أي كفار مكة بالياء والتاء (( من دونه )) وهم الأصنام (( لا يقضون بشيء )) فكيف يكونون شركاء الله (( إن الله هو السميع )) لأقوالهم (( البصير )) بأفعالهم . حفظ
(( والذين يدعون )) قال: " يعبدون أي كفار مكة بالياء والتاء " هنا تفسير لكلمة يدعون، وتفسير للضمير الواو، وقراءة، أما القراءة فقد ذكر المؤلف أن فيها قراءتين: القراءة الأولى يدعون بالياء، والقراءة الثانية تدعون بالتاء على سبيل المخاطبة، وكلاهما قراءتان سبعيتان.
وأما يدعون ففسرها بكلمة يعبدون، والصواب أن المراد بها يعبدون ويسألون لأنهم هم يعبدون الأصنام ويسألونها جلب المنافع ودفع المضار ويعبدونها أيضا بالركوع والسجود والنذور وغير ذلك.
وأما الواو ففسرها المؤلف بكفار مكة فجعل الضمير عائدا إلى كفار مكة، وهنا نسأل هلا يوجد أحد يعبد الأصنام ويدعوا الأصنام إلا كفار مكة ؟ يوجد منهم ومن غيرهم، وإذا كان كذلك فإن تفسير العام بالخاص نقص في التفسير، فالتفسير المطابق للواو أن تكون عامة لكل من يدعوا من دون الله من كفار مكة أو كفار المدينة أو كفار الطائف أو كفار العراق أو كفار الشام أو كفار هذه الأمة أو كفار من قبلها، عامة كل من يدعوا من دون الله فإنه يدعوا من لا يقضي بشيء.
وقوله: (( من دونه )) أي من دون الله، والدون هنا بمعنى سوى أي: من سوى الله عز وجل وهم الأصنام، هنا قال المؤلف: " وهم الأصنام " وكان مقتضى اللغة العربية أن يقول وهي الأصنام لأن الجمع لغير ما يعقل لا يعود عليه ضمير ما يعقل، هم للعقلاء، طيب ولكن المؤلف عدل عن الأصل وهي الأصنام لمراعاة قوله: (( والذين يدعون )) كما تعرفون هذه للعاقل، وذلك أن الله تعالى جعل هذه المعبودات نزلها منزلة العقلاء، ومع كونها منزلة منزلة العقلاء لا تقضي بشيء.
(( والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء )) ولم يقابل هذه الجملة بالجملة التي قبلها بل جعلها أعم، في الجملة الأولى قال: (( والله يقضي بالحق )) وهنا قال: (( لا يقضون بشيء )) ولم يقل: لا يقضون بالحق، إشارة إلى أنها لا تقضي لا بحق ولا بباطل فليست أهلا لأن تعبد من دون الله عز وجل طيب، (( لا يقضون بشيء )) أبدا لا شرع ولا قدر ولا حق ولا باطل، فكيف يكونون شركاء لله ؟ هذا محط النفي، يعني إذا كانت هذه الأصنام لا تقضي بشيء فكيف تجعل شريكة لله، وهذا يعني توبيخ هؤلاء الذين يعبدون هذه الأصنام من دون الله (( إن الله هو السميع العليم )) " (( السميع )) لأقوالهم (( البصير )) بأعمالهم " وهو في قوله: (( هو السميع )) يجوز أن تكون ضمير فصل ويجوز أن تكون مبتدأ، والجمل خبر إن، لكن هي ضمير فصل أحسن منها مبتدأ.