فوائد قوله تعالى : (( ... إن الله هو السميع البصير )) . حفظ
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات اسمين من أسماء الله هما السميع والبصير، وإثبات ما دلا عليه من صفة، وإثبات ما دلا عليه من أثر أو من حكم.
وذلك أن أسماء الله عز وجل لا يتم الإيمان بها إلا بالإيمان بأمور ثلاثة إذا كانت متعدية: الأول إثبات الاسم، والثاني إثبات ما دل عليه من الصفة، والثالث إثبات ما دل عليه من أثر أ و من حكم، هذا إذا كان متعديا، أما إذا كان لازما فلا يتم الإيمان به إلا بأمرين: إثبات الاسم وإثبات ما دل عليه من صفة.
السميع متعدي: (( قد سمع الله قول )) (( والله يسمع تحاوركما )) متعدي، إذن لا بد أن تؤمن بالسميع اسما من أسماء الله، وهل هناك أحد أنكر الأسماء ؟ نعم، فيه من المعطلة المنتسبين للملة الإسلامية من ينكر أسماء الله، وأن تؤمن بما دل عليه من صفة وهي السمع، فليس الله تعالى سميعا بلا سمع بل هو سميع بسمع.
وهل أحد أثبت الاسم دون الصفة ؟ نعم المعتزلة، قاعدتهم إثبات الأسماء وإنكار الصفات التي دلت عليها هذه الأسماء، فيقولون أن الله سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، سبحان الله كيف بصير بلا بصر ؟ قال: نعم بصير بلا بصر لأنك إذا أثبت البصر فالبصر صفة زائدة على الذات، الصفة غير الموصوف، فإن قلت أنها قديمة أثبت تعدد القدماء وصرت أكفر من النصارى، النصارى أثبتوا ثلاثة آلهة أنت الآن ستثبت خمسين إله أو أكثر بقدر الأسماء التي يثبت لها الصفة، وهذا كفر، فإذا كفرنا النصراني بثلاثة وقلنا كافر، نقول أنت كافر ـ كافر ـ كافر اضرب ثلاثة في ... حتى تصل إلى الأسماء، أنت أكفر من النصارى إذا أثبت صفة قديمة، وإن أثبتها حادثة لزم من ذلك قيام الحوادث بالله والحوادث لا تقوم إلا بحادث فتكون أنت أثبت أن الله مخلوق، وأنه حادث، ما بالكم إذا صيغ هذا الكلام بكلام أفصح من كلامي وأبلغ، أفلا ينخدع به الجهال ؟ ينخدعون به لا شك، لكننا نقول: إن الله تعالى سميع بسمع، ولا يعقل أن يكون مشتق بدون ما اشتق منه، أبدا، إذ لا يصح أن تقول للأصم أنه سميع، ولا للأعمى أنه بصير، لا يمكن أن يوجد اسم مشتق في جميع لغات العالم إلا والأصل المشتق منه سابق عليه.
وأما قولكم أن الصفة غير الموصوف فإننا نقول أن الله تعالى لم يزل ولا يزال بصفاته، ولا يوجد ذات بلا صفة إطلاقا، من ادعى أنه يوجد ذات بلا صفة فقد ادعى المحال، ما من موجود إلا وله صفة، لو لم يكن من صفاته إلا صفة الوجود والقيام بالذات وما أشبه ذلك، فما من موصوف إلا وله صفة، لكن الموصوف بصفاته ليست شيئا بائنا منه، ولهذا لا نقول: إن صفات الله هي الله ولا نقول إنها غير الله، بل نقول: إن الله بصفاته، لأنك إذا قلت أن الصفات هي الله صار معناه أنه لا صفة له، وإذا قلت أنها غيره أبنت الصفة عن الموصوف، وهذا مستحيل.
إذن الإيمان بالاسم لابد أن تؤمن بما تضمنه من صفة، وتضمنه للصفة قد تكون تضمنا وقد تكون التزاما، فهل نؤمن بالصفة التي دل عليها تضمنا فقط أو تضمنا والتزاما ؟ تضمنا والتزاما، فمثلا الخالق اسم دل على صفة الخلق دلالته على صفة الخلق بطريق التضمن، ودلالته على العلم التزام، لأنه لا خلق إلا بعلم، ودلالته على القدرة التزام أيضا، لأنه لا خلق إلا بقدرة، إذن تؤمن بما دل عليه الاسم من صفة سواء كانت تضمنا أو التزاما.
الأمر الثالث إذا كان الاسم متعديا: الأثر أو الحكم، فمثلا السميع ذو السمع الذي يسمع، لابد أن تؤمن بسمع يتعدى للغير، فيسمع كل قول، البصير كذلك متعديا نؤمن بالبصير اسما، وبالبصر صفة، وبأنه يبصر حكما أو أثرا.
أما إذا كان الاسم لازما فإنه يؤمن بأمرين: الأول الاسم، والثاني الصفة، الحي ليس الله يحيي، ليست من الحي من المحيي، الحي وصف لازم أو الحياة وصف لازم لا يتعدى لغير الله، فالحي إذن اسم من الأسماء اللازمة فتؤمن بالحي اسما من أسماء الله، وتؤمن بالصفة التي دل عليها الحي وهي الحياة، طيب إذن إذا آمنا بهذا خالفنا كل أهل التعطيل.