التعليق على تفسير الجلالين : (( وقال موسى )) لقومه وقد سمع ذلك (( إني عذت بربى وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب )) . حفظ
الشيخ : طيب نبدأ الدرس الجديد قال الله تبارك وتعالى :" (( وقال موسى لقومه )) وقد سمع ذلك (( إني عذت بربي وربكم )) إلى آخره " قوله: (( وقال موسى لقومه إني عذت )) توجيه القول إلى قوم موسى ليس بصواب، بل قال موسى لفرعون: (( إني عذت بربي وربكم )) هذا إن كان فرعون قد قاله له مواجهة يعني قال ذروني أقتل موسى مواجهة، فإن موسى قال: إني عذت بربي وربكم منكم ولكن قال: من كل متكبر، أما إذا كان فرعون يتحدث مع قومه وسمع موسى ذلك فعلى ما قال المؤلف رحمه الله تعالى: أن موسى لما سمع هذا قال إني عذت بربي وربكم، ولكن الظاهر والله أعلم أن المعنى الأول أصح، أنه قاله لفرعون حين قال ذروني أقتل موسى.
قال: (( إني عذت بربي وربكم )) عذت: بمعنى اعتصمت بالله، لأن العياذ بالشيء الاعتصام به، قال العلماء: ويقال العياذ واللياذ، قال العلماء: الفرق بين العياذ واللياذ أن اللياذ بما يرجى والعياذ بما تخشاه، وأنشدوا على ذلك قول الشاعر:
يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به مما أحاذره، لا يجبر
الناس عظم أنت كاسره ولا يهيضون عظما أنت جابره
إذن معنى عذت اعتصمت، بربي وربكم هذه الربوبية العام والخاصة، ربي هذه ربوبية خاصة، وربكم ربوبية الله لفرعون وقومه من الربوبية العامة.
(( من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب )) وهذا الوصف ينطبق تماما على فرعون فهو متكبر طاغ عات عال، والمتكبر هو المترفع كبرياء عن الحق وعلى الخلق، لأن الكبر إما عن الحق وإما على الخلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) بطر الحق: يعني احتقاره وازدرائه وهذا التكبر عن الحق، وغمط الناس: يعني احتقارهم وهذا التكبر على الخلق، وإذا اجتمع في قلب المرء تكبر على الخلق وتكبر عن الحق فهو الهالك والعياذ بالله.
وقوله: (( لا يؤمن بيوم الحساب )) يعني يوم القيامة، وعدل عن قوله يوم القيامة إلى يوم الحساب لأن الحساب أشد خوفا من يوم القيامة، إذا قيل لإنسان أنك سوف تحاسب على ما عملت من خير وشر فإنه سوف يخاف ويوجل ويستقيم، وإنما ذكر الحساب دون القيامة لأنه أشد تخويفا فإن الإنسان إذا علم أنه سيحاسب على عمله فسوف يرتدع عن المعاصي ويقوم بالأوامر.