هل الأحسن لطالب العلم أن يداخل بين العلوم التي يبدأ بها .؟ حفظ
الطالب : هل طالب العلم يتنقل بين العلوم، علم العقيدة وعلم الفقه ؟
الشيخ : تعرف أن العلوم ليست سواء بعضها أهم من بعض، فأنت كرس جهودك على الأهم، ولا تخلي نفسك من العلوم الأخرى المساندة للأهم، يعني مثلا رجل قال: أنا أهوى النحو، أكرس جهودي على النحو ولا أتعرض لغير هذا، نقول غلط، كرس جهودك على ما تهواه نفسك لئلا يضيع عليك الوقت، لأن الإنسان إذا حاول أن يرغم نفسه في دراسة شيء لا يختاره سيضيع عليه الوقت، لكن لا تنسى العلوم الأخرى.
كذلك أيضا لا تكثر على نفسك من العلوم، لأن كثرة العلوم تضعف الإنسان في همته وفي فهمه، والذين درسوا في المدارس النظامية يعرفوا هذا، تجد مثلا في المعاهد أو الثناويات تجد فيها مثلا خمسة عشرة مادة تضيع على الإنسان، لو أردت أن تبحث معه في شيء عميق من المواد التي درسها ما وجدت عنده شيئا.
فإذا ركز الإنسان على العلوم واختصرها بقدر ما يستطيع صار هذا أجود له وأكثر استفادة، ويذكر أن بعض الناس يقول: إن من أتقن علما من العلوم اتقانا جيدا استغنى به عن سائر العلوم، وهذا لا شك أنه غلط، لو أنك أدركت النحو جيدا، هل يغنيك عن معرفة الفقه ؟
وما يذكر عن أبي يوسف والكسائي أنهما تناظرا في حضرة الرشيد، وقال الكسائي: إن الإنسان إذا أتقن العلم، أي علم أتقنه يستغني به عن غيره، وأن أبا يوسف أورد عليه الرجل يسهو في سجود السهو فقال الكسائي: ليس عليه سجود، قال: ومن أين يوجد هذا في علمك ؟ ـ لأن الكسائي إمام في النحو ـ قال: من قواعد علمي أن المصغر لا يصغر، هذا يصح دليلا في حكم شرعي ؟ أبدا، وأنا أظن أن هذه القصة مصنوعة، ما هي صحيحة.
لكن على كل حال الإنسان ينبغي له أن يركز، وأنا في نظري أن أهم ما أركز عليه هو القرآن الكريم، القرآن كنوز عظيمة كلما أخذت آية وصرت تتأملها انفتح لك من العلوم فيها ما لا يعلمه إلا الله، ثم القرآن سند، يعني ليس القرآن ككتاب أي عالم من العلماء، هو سند يحتج به الإنسان أمام الله عز وجل، لأنه كلام الله سبحانه وتعالى، فلهذا أنا أرى أن نركز على علم التفسير، ثم على معرفة ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأنتم تعرفون أن ما نسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى جهد قبل أن يكون دليلا، الجهد هو أن نعرف صحته إلى الرسول، لأنه ما أكثر الأحاديث التي رواها ضعاف الناس رواية، إما لقلة أمانتهم أو لسوء حفظهم أو ما أشبه ذلك، بل ما أكثر الأحاديث الموضوعة المكذوبة على الرسول عليه الصلاة والسلام، لأن الأهواء كثرت فصار من لا يخاف الله يضع ما شاء من الأحاديث وينسبها للرسول صلى الله عليه وسلم، تحتاج السنة إلى عناية كبيرة في ثبوت صحتها عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أما القرآن فلا يحتاج إلى هذا لأنه ثابت بالنقل المتواتر الذي ينقله الأصاغر عن الأكابر، فالعناية بالكتاب والسنة هو أهل شيء، لكن لا يعني ذلك الإعراض عما كتبه العلماء، لابد من الاستعانة بآراء العلماء وكيفية استنباطهم للأحكام من القرآن والسنة، ونقتصر على هذا .