بعض الناس يتوجه إلى قراءة السنة ويقول إن أهل البدع يستدلون بعمومات القرآن والسنة تبين هذه العمومات .؟ حفظ
الطالب : بعض الناس يتركون التفسير ويتبعون السنة وآثار الرجال، ويقولون: إن أهل البدع يستدلون بعمومات القرآن ونحن نقرأ السنة لكي نبين هذه العمومات بالسنة، فما رأيكم ؟
الشيخ : رأيي أنه صحيح أننا لا نزهد في السنة، ولا في معرفة الرجال، ولا في معرفة المصطلح، لكننا نرى أن هناك أولويات، وهناك أهميات قبل المهمات، وأما ما ادعاه من أن القرآن لم يبين الرد على أهل البدع والسنة بيت، فهذا غير صحيح، القرآن ليس فيه دليل واحد لأي بدعة من البدع أبدا، بل إن شيخ الإسلام رحمه الله قال في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " قال: " أي دليل يستدل به شخص على بدعة فأنا أجعل هذا الدليل دليلا عليه " وصدق.
أضرب مثلا لكم: (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) استدل بهذه الآية من يرى أن الله لا يرى، والحقيقة أنها تدل على أن الله يرى، استدل بها وهي دليل عليه، لأن نفي الأخص يستلزم وجود الأعم (( لا تدركه )) إذن تراه، ولو كانت لا تراه لقال لا تراه الأبصار، أما أن يعبر بلا تدركه عن لا تراه فهذا لا شك أنه تعمية وإلغاز، ولا يمكن أن يكون هذا في كلام الله الذي جعله الله تبيانا لكل شيء.
استدلوا بقول موسى: (( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني )) قالوا: هذا يدل على أن الله لا يرى، نقول هذا دليل عليكم، موسى سأل الرؤيا في الآخرة أو في الدنيا ؟ في الدنيا، كيف تنقلونها أنتم إلى الآخرة، ولهذا قال: (( لن تراني )) يعني الآن ليس بك قدرة على أن تتحمل رؤيتي، ورؤية الله تعالى مستحيلة في الدنيا لا لأمر يتعلق بالرؤيا لكن لأمر يتعلق بالرائي، الرائي لا يتحمل، ولهذا ضرب الله مثلا لموسى فقال: (( انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل )) جل وعلا، ماذا صار ؟ (( جعله دكا )) هذا الجبل العظيم الذي لا تدكه القنابل صار دكا بمجرد أن الله تجلى له، ولهذا خر موسى صعقا، عجز أن يتحمل الموقف فضلا عن رؤية ربه عز وجل، فالمهم أن الآية الآن فيها دليل عليهم، لأن موسى إنما سأل الرؤيا في الدنيا لا في الآخرة.
ثم إن موسى سأل الرؤيا وأنتم تقولون رؤية الله مستحيلة، إذن أنتم أعلم بالله من موسى، يعني إما أن تكونوا أعلم بالله من موسى لأن موسى ما سأل شيئا مستحيلا، يرى أن الله يرى، لكن البشر لا يتحملون ذلك، فإما أن يكون جاهلا بقدر الله وأنتم عالمون به، وإما أن يكون معتديا على الله حيث سأل ما لا يحل له سؤاله.
فأقول لكم يا إخوان من قال أن البدع لا تدفع إلا بالسنة أو لا يتم دفعها إلا بالسنة فقد أخطأ، وهذا يدل على قصور فهمه للقرآن أو على تقصيره في تفهم القرآن، وإلا فالقرآن نفسه لا يمكن أن يوجد بدعة إلى رد عليها، أبدا، ولو لم يكن من ذلك إلا قوله : (( شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله )) هذه الآية قاضية على كل بدعة، كل بدعة تبطل بهذه الآية سواء كانت عقدية أو قولية أو فعلية .