تتمة تفسير قوله تعالى : (( ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار )) . حفظ
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : (( ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار )) سبق الكلام على هذه الجملة، وبينا أن الاستفهام فيها للتعجب والإنكار.
(( ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار )) جملة وتدعونني إلى النار: معطوفة على الجملة التي قبلها، وليست استئنافية ولا حالية كما قيل فيها به، بل هي معطوفة على ما سبق، لأن التعجب إنما يكون من اجتماع الأمرين: أنه يدعوهم إلى النجاة ويدعونه إلى النار.
وقوله: (( إلى النجاة )) يعني النجاة من النار ولم يقل إلى الجنة مع أنه قال: (( وإن الدار الآخرة هي دار القرار )) لأنهم هم يدعونه إلى الهلاك يدعونه إلى النار فقابل دعوته بدعوتهم فكأنه يقول: أنا أدعوكم إلى النجاة من النار وأنتم تدعونني إلى النار، والدعوة إلى النار ليس أن يقول القائل: هلموا إلى النار أيها الناس، لكنها الدعوة إلى عمل أهل النار، وليعلم أن النار حفت بالشهوات، وأن الجنة حفت بالمكاره، وعمل أهل النار مبني على الشهوات أو على الشبهات، يعني إما جهالات وضلالات كعمل النصارى، وإما شهوات كعمل اليهود، وعلى هذين يدور عمل أهل النار الشبهات والشهوات، والشبهات دواؤها العلم والشهوات دواؤها الحزم والإرادة التامة لما يحبه الله ويرضاه (( ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار)).