تفسير قوله تعالى : (( تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار )) . حفظ
ثم بين بعد أن أجمل في قوله: (( وتدعونني إلى النار )) بين الأعمال التي يدعونه إليها فقال : (( تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أ دعوكم إلى العزيز الغفار)) تدعونني لأكفر: اللام هنا لبيان المدعى إليه أو المدعو إليه، يعني تدعونني لهذا، وعلى هذا فأكفر منصوبة بأن مضمرة بعد اللام على مذهب البصريين، أو باللام على مذهب الكوفيين.
(( لأكفر بالله )) أي أجحده وأنكره والمراد إنكار وحدانيته بدليل قوله: (( وأشرك به )) وقد يقال أن المراد إنكار وجوده بالكلية أو الإشراك به مع الإقرار به، فيكون يدعونه إلى شيئين: إما إنكار الخالق عز وجل، وهذا يستفاد من قوله: (( لأكفر به )) أي أجحده، أو إثباته مع وجود شريك له، وهذا مستفاد من قوله: (( وأشرك به )).
وقوله: (( ما ليس لي به علم )) هذا قيد مبين للواقع، وأن كل من أشرك بالله فإنه مشرك بلا علم، بل بما يعلم بالفطرة خلافه، ولكن من المعلوم أن الشيء إذا كان بلا علم فإنه لا ثبوت له ولا أصل له، فالصفة بل فالصلة في قوله: (( ما ليس لي به علم )) لبيان الواقع، وقد بينا أن كل قيد لبيان الواقع أو الغالب أو المبالغة فإنه لا مفهوم له.
(( وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار )) بدأ هنا باسم العزيز لأن المقام يقتضيه إذ أن هؤلاء أقباط من آل فرعون يظنون أن العزة له فقال: أدعوكم إلى العزيز، ولم يقل إلى الغفور الرحيم، بل قال: إلى العزيز الغفار، يعني العزيز الغالب فيهلككم إذا أنتم كفرتم به أو أشركتم به، الغفار يغفر لكم ما سبق إن أنتم آمنتم به، وهذا من تمام فقه هذا الرجل المؤمن.
فإنه قد يقول قائل: إن المقام يقتضي أن يقول: وأنا أدعوكم إلى الغفور الرحيم، لكن الأمر بالعكس، المقام يقتضي ذكر اسمه العزيز لأن هؤلاء يدعون أنهم فوق الناس، وأن ربهم فرعون، وأنه لا غالب له.
وقوله العزيز اسم من أسماء الله، والغفار اسم من أسماء الله، والغفور اسم من أسماء الله، وليعلم أن أسماء الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين:
الأول ما كان مشتقا من وصف متعدي، فهذا لا يتم الإيمان به إلا بأمور ثلاثة:
الأول: إثباته اسما لله، والثاني: إثبات الصفة التي دل عليها، والثالث: إثبات الحكم يعني الأثر المترتب على هذه الصفة.
والقسم الثاني: لازم غير متعدي ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات اثنين: إثباته اسما من أسماء الله، والثاني: إثبات الصفة التي دل عليها هذا الاسم.
لأن كل اسم من أسماء الله يدل على صفة، ليس لله اسم يكون جامدا، خلافا لمن قال أن كلمة الله اسم جامد غير مشتق، وهذا ليس بصحيح، ما من اسم من أسماء الله إلا ومشتق، لأن الله وصف أسمائه بأنها حسنى، وما لا يتضمن صفة ليس بحسن فضلا على أن يكون أحسن، نضرب أمثلة لهذا:
الحي من اللازم، تؤمن به اسما من أسماء الله، وبالحياة التي دل عليها الاسم، السميع متعدي، تؤمن بالسميع اسما لله، وبالسمع صفة لله، وبأنه يسمع إثباتا للحكم وهو الأثر المترتب على هذه الصفة.
ثم اعلم أن الاسم يتضمن أحيانا صفة وأحيانا صفتين وأحيانا أكثر، لأن أنواع الدلالة ثلاثة:
مطابقة، وتضمن، والتزام، فمثلا من أسماء الله تعالى الخلاق: (( إن ربك هو الخلاق )) تؤمن بالخلاق اسما من أسماء الله، تؤمن بصفة الخلق التي تضمنها اسم الخلاق، وإيمانك بالاسم والصفة هذا إيمان بدلالة المطابقة، وإيمانا بالاسم وحده أو بالصفة وحدها إيمان بدلالة التضمن، ثم إيمانك بأنه عليم قدير إيمان بدلالة الالتزام، لأنه ما من خلاق إلا وهو عليم، وما من خلاق إلا وهو قادر، لأنه إن كان جاهلا فكيف يخلق، وإن كان عاجزا فكيف يخلق، فدلالة الخلاق على العلم والقدرة دلالة التزام.
وهذه الدلالة دلالة الالتزام يتفاوت فيها الناس تفاوتا كثيرا، فمن الناس من يعطيه الله تعالى فهما يدرك به اللوازم التي تلزم على هذا الاسم، ومن الناس من هو دون ذلك، فتجد بعض الناس يستنبط فوائد عدة بدلالة اللزوم، وآخر لا يقدر، وفضل الله يؤتيه من يشاء، طيب.
إذن (( العزيز )) لا يتم الإيمان به إلا ؟ العزيز معناه أولا ذو العزة (( سبحان ربك رب العزة )) والعزة قالوا أنها ثلاثة أنواع:
عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع، عزة القدر بمعنى أنه سبحانه وتعالى عزيز قدرا، بحيث لا يكون مماثل له، عزة الامتناع يعني أنه عز وجل عزيز أي يمتنع أن يناله السوء، والعزيز يأتي بمعنى الامتناع كقوله تعالى: (( وما ذلك على الله بعزيز )) أي بممتنع.
والثالث عزة القهر: بمعنى أنه الغالب ومنه قوله تعالى: (( ويقولن لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )) فقال الله تعالى: (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )) العزة يعني الغلبة، إذا كان العزيز بمعنى الغالب فهو من الأسماء المتعدية، عز أي غلب، فهو غالب ومقابله مغلوب، وإذا كانت عز بمعنى امتنع أو بمعنى كان ذا قدر عظيم فهو لازم، طيب.
إذن نقول العزيز من جهة تكون من الأسماء المتعدية إذا كانت بمعنى الغالب، ومن جهة أخرى تكون غير متعدية إذا كانت بمعنى الامتناع أو بمعنى القدر طيب.
جملة معترضة قال الله تعالى : (( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ )) [المنافقون :8] هل الجواب مطابق لقولهم أو غير مطابق ؟ المطابقة أن يقول: والله أعز والمؤمنون، لكن لم يذكر هذا بل قال: (( ولله العزة )) إشارة إلى أن المنافقين لا عزة لهم أصلا، لأنه لو قال: الله أعز، لأثبت للمنافقين عزة، ولكنه ليس لهم عزة حصر العزة في الله ورسوله والمؤمنين، وهذه من بلاغات القرآن، وإذا تأملت القرآن تبين لك أمور تبهرك في دلالته وإشاراته وإيماءاته، فسبحان الذي أنزله عز وجل طيب.
الغفار اسم من أسماء الله، وهو من الأسماء المتعدية، لأن الله قال: (( يغفر لم يشاء ويعذب من يشاء )) إذن لا بد أن نثبت الغفار اسما من أسماء الله، ولابد أن نثبت الصفة وهي المغفرة (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) طيب ونثبت أنه يغفر، يوصل المغفرة من شاء، طيب قال: (( وأن الله هو العزيز الغفار )).
(( لأكفر بالله )) أي أجحده وأنكره والمراد إنكار وحدانيته بدليل قوله: (( وأشرك به )) وقد يقال أن المراد إنكار وجوده بالكلية أو الإشراك به مع الإقرار به، فيكون يدعونه إلى شيئين: إما إنكار الخالق عز وجل، وهذا يستفاد من قوله: (( لأكفر به )) أي أجحده، أو إثباته مع وجود شريك له، وهذا مستفاد من قوله: (( وأشرك به )).
وقوله: (( ما ليس لي به علم )) هذا قيد مبين للواقع، وأن كل من أشرك بالله فإنه مشرك بلا علم، بل بما يعلم بالفطرة خلافه، ولكن من المعلوم أن الشيء إذا كان بلا علم فإنه لا ثبوت له ولا أصل له، فالصفة بل فالصلة في قوله: (( ما ليس لي به علم )) لبيان الواقع، وقد بينا أن كل قيد لبيان الواقع أو الغالب أو المبالغة فإنه لا مفهوم له.
(( وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار )) بدأ هنا باسم العزيز لأن المقام يقتضيه إذ أن هؤلاء أقباط من آل فرعون يظنون أن العزة له فقال: أدعوكم إلى العزيز، ولم يقل إلى الغفور الرحيم، بل قال: إلى العزيز الغفار، يعني العزيز الغالب فيهلككم إذا أنتم كفرتم به أو أشركتم به، الغفار يغفر لكم ما سبق إن أنتم آمنتم به، وهذا من تمام فقه هذا الرجل المؤمن.
فإنه قد يقول قائل: إن المقام يقتضي أن يقول: وأنا أدعوكم إلى الغفور الرحيم، لكن الأمر بالعكس، المقام يقتضي ذكر اسمه العزيز لأن هؤلاء يدعون أنهم فوق الناس، وأن ربهم فرعون، وأنه لا غالب له.
وقوله العزيز اسم من أسماء الله، والغفار اسم من أسماء الله، والغفور اسم من أسماء الله، وليعلم أن أسماء الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين:
الأول ما كان مشتقا من وصف متعدي، فهذا لا يتم الإيمان به إلا بأمور ثلاثة:
الأول: إثباته اسما لله، والثاني: إثبات الصفة التي دل عليها، والثالث: إثبات الحكم يعني الأثر المترتب على هذه الصفة.
والقسم الثاني: لازم غير متعدي ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات اثنين: إثباته اسما من أسماء الله، والثاني: إثبات الصفة التي دل عليها هذا الاسم.
لأن كل اسم من أسماء الله يدل على صفة، ليس لله اسم يكون جامدا، خلافا لمن قال أن كلمة الله اسم جامد غير مشتق، وهذا ليس بصحيح، ما من اسم من أسماء الله إلا ومشتق، لأن الله وصف أسمائه بأنها حسنى، وما لا يتضمن صفة ليس بحسن فضلا على أن يكون أحسن، نضرب أمثلة لهذا:
الحي من اللازم، تؤمن به اسما من أسماء الله، وبالحياة التي دل عليها الاسم، السميع متعدي، تؤمن بالسميع اسما لله، وبالسمع صفة لله، وبأنه يسمع إثباتا للحكم وهو الأثر المترتب على هذه الصفة.
ثم اعلم أن الاسم يتضمن أحيانا صفة وأحيانا صفتين وأحيانا أكثر، لأن أنواع الدلالة ثلاثة:
مطابقة، وتضمن، والتزام، فمثلا من أسماء الله تعالى الخلاق: (( إن ربك هو الخلاق )) تؤمن بالخلاق اسما من أسماء الله، تؤمن بصفة الخلق التي تضمنها اسم الخلاق، وإيمانك بالاسم والصفة هذا إيمان بدلالة المطابقة، وإيمانا بالاسم وحده أو بالصفة وحدها إيمان بدلالة التضمن، ثم إيمانك بأنه عليم قدير إيمان بدلالة الالتزام، لأنه ما من خلاق إلا وهو عليم، وما من خلاق إلا وهو قادر، لأنه إن كان جاهلا فكيف يخلق، وإن كان عاجزا فكيف يخلق، فدلالة الخلاق على العلم والقدرة دلالة التزام.
وهذه الدلالة دلالة الالتزام يتفاوت فيها الناس تفاوتا كثيرا، فمن الناس من يعطيه الله تعالى فهما يدرك به اللوازم التي تلزم على هذا الاسم، ومن الناس من هو دون ذلك، فتجد بعض الناس يستنبط فوائد عدة بدلالة اللزوم، وآخر لا يقدر، وفضل الله يؤتيه من يشاء، طيب.
إذن (( العزيز )) لا يتم الإيمان به إلا ؟ العزيز معناه أولا ذو العزة (( سبحان ربك رب العزة )) والعزة قالوا أنها ثلاثة أنواع:
عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع، عزة القدر بمعنى أنه سبحانه وتعالى عزيز قدرا، بحيث لا يكون مماثل له، عزة الامتناع يعني أنه عز وجل عزيز أي يمتنع أن يناله السوء، والعزيز يأتي بمعنى الامتناع كقوله تعالى: (( وما ذلك على الله بعزيز )) أي بممتنع.
والثالث عزة القهر: بمعنى أنه الغالب ومنه قوله تعالى: (( ويقولن لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )) فقال الله تعالى: (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )) العزة يعني الغلبة، إذا كان العزيز بمعنى الغالب فهو من الأسماء المتعدية، عز أي غلب، فهو غالب ومقابله مغلوب، وإذا كانت عز بمعنى امتنع أو بمعنى كان ذا قدر عظيم فهو لازم، طيب.
إذن نقول العزيز من جهة تكون من الأسماء المتعدية إذا كانت بمعنى الغالب، ومن جهة أخرى تكون غير متعدية إذا كانت بمعنى الامتناع أو بمعنى القدر طيب.
جملة معترضة قال الله تعالى : (( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ )) [المنافقون :8] هل الجواب مطابق لقولهم أو غير مطابق ؟ المطابقة أن يقول: والله أعز والمؤمنون، لكن لم يذكر هذا بل قال: (( ولله العزة )) إشارة إلى أن المنافقين لا عزة لهم أصلا، لأنه لو قال: الله أعز، لأثبت للمنافقين عزة، ولكنه ليس لهم عزة حصر العزة في الله ورسوله والمؤمنين، وهذه من بلاغات القرآن، وإذا تأملت القرآن تبين لك أمور تبهرك في دلالته وإشاراته وإيماءاته، فسبحان الذي أنزله عز وجل طيب.
الغفار اسم من أسماء الله، وهو من الأسماء المتعدية، لأن الله قال: (( يغفر لم يشاء ويعذب من يشاء )) إذن لا بد أن نثبت الغفار اسما من أسماء الله، ولابد أن نثبت الصفة وهي المغفرة (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) طيب ونثبت أنه يغفر، يوصل المغفرة من شاء، طيب قال: (( وأن الله هو العزيز الغفار )).