تفسير سورة فصلت : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) . حفظ
" ثم قال تبارك وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخره " البسملة تقدَّم الكلام عليها كثيرًا وبيَّنَّا أنها آيةٌ مِن كتاب الله ولكنَّها ليست آيةً تابعة للسورة التي بعدها ولا التي قبلها، بل هي آية يؤتى بها لابتداء السور ما عدا سورة براءة، أمَّا معناها فإنَّ الإنسان يقول أبتدئ بكلِّ اسمٍ من أسماء الله، وإنما جعلنا المعنى (بكل اسم من أسماء الله)، لأن (اسم) مفرد مضاف والمفرد المضاف يفيد العموم كلُّ مفرد مضاف إلى معرفة فإنه يفيد العموم، ألم تروا إلى قول الله تعالى: (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) (نعمة الله) لو نظرنا إلى لفظِها لقلنا إنها واحدة لكنَّها كثيرة لا تحصى، فيكون هذا المفرد الذي أضيف يكون للعموم وهذه هي القاعدة: كلُّ مفرد مضاف لمعرفة فإنه مُفيدٌ للعموم، ولهذا قلنا بكل اسم من أسماء الله، والرحمن الرحيم صفتان للفظ الجلالة لكن الأولى رُوعي فيها الوصْف والثانية روعي فيها الفعل وهو إيصال الرحمة، أمَّا متعَلَّق هذا الجار والمجرور فإنه محذوف ويُقدَّر مؤخَّرًا مناسبًا للمقام، فإذا كنت تريد أن تقرأ فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم قدِّر: أقرأ، وإنما اختير ذلك أي اختير أن يكون فعلًا، لأن الأصلَ في العمل الأفعال ولهذا يعمَلُ الفعل بلا شرط، والأسماء التي تعمل عمل الفعل لابد لها مِن شروط كما هو معروف في علم النحو، وإنما اخترنا أن يكون متأخِّرًا لفائدتين: الفائدة الأولى تيَمُّنًا بذكر اسم الله، والفائدة الثانية إرادة الحصر لأنَّه إذا تأخر العامل كان ذلك حصرًا فإذا قلت: زيدًا أكرِم. المعنى: لا تكرم غيره، لكن لو قلت: أكرم زيدًا لم يمتنع أن تكرم غيره، إذًا أخرناه لفائدتين الفائدة الأولى: تيمنا بذكر اسم الله عز وجل والثاني: إفادة الحصر، وقدَّرناه مناسبًا، لأنَّه أبيَنُ المقصود فلو قال قائل: بسم الله أبتدئ قلنا: صحيح لكن لا تُبيِّنُ المراد كما تبيِّنُه باسم الله أقرأ، وذلك لأنَّ الابتداء يكون للقراءة ولغير القراءة فلهذا اختير أن يكون مناسبًا للمقام، والخلاصة الآن: أين متعَلَّق الجار والمجرور نقول: هو محذوف، فعل مُتَأَخِّر مناسب للمقام