التعليق على تفسير الجلالين : (( حم )) الله أعلم بمراده به . حفظ
قال الله تعالى: (( حم )) وقال المفسر: " الله أعلم بمراده به " وهذا هو الأدب مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنَّ الذي لا تعرِف معناه قل: الله أعلم بمراده به، لقول الله تعالى: (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )) [الإسراء:36]، ولكن قد يقول قائل: إننا نعلم أنَّه لا معنى لهذه الحروف الهجائية التي توجد في كثيرٍ من السور نعلم ذلك بدَلَالة القرآن فقد قال الله تعالى: (( نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربيٍّ مبين ))، واللسانُ العربي لا يكون التعبير بمثل هذه الحروف له معنى في حدِّ ذاته لو قلت: أ ب ج ح خ ما لها معنى فإذا لم يكن لها معنًى بمقتضى اللسان العربي قلنا: إن قوله: (حم) و(الم) و(الر) وما أشبهها ليس لها معنًى في حدِّ ذاتها، يرِدُ على هذا إذا لم يكن لها معنًى صارت لغوًا وكلام الله تعالى لا لغوَ فيه. فيُقال: إنها ليست لغو وإنما المراد إقامة الحجة على أولئك المشركين حيث عجَزُوا عن الإتيان بمثل القرآن ولا بآيَةٍ واحدة عجَزُوا مع أنَّ هذا القرآن هل أتَى بحرُوف لا يعرفونَها حتى يعتذروا ويقولوا: إنه جاء بحروف ليست معروفة لنا؟ الجواب: لا، القرآن جاء بحروفٍ يعرفونها، قال شيخ الإسلام رحمه الله: ولذلك لا تكاد ترى سورةً مبدوءةً بهذه الحروف إلا وبعدَها ذِكْرُ القرآن، وابْدأ مِن أول البقرة إلى أن تأتي إلى آخر السور المبدوءة بهذه الحروف تجِد أنَّ بعدَها ذكرُ القرآن إشارةً إلى أنَّ هذا القرآن الذي أعجزَكم معشرَ العرب كان مِن هذه الحروف التي تُكَوِّنُون منها كلامَكم، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله واضِح جدًّا، وأما القول بأنَّه ليس لها معنى فقد قاله مجاهد بن جَبْر أعلمُ التابعين بكتاب الله عزّ وجل