التعليق على تفسير الجلالين : (( قل أئنكم )) بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال ألف بينهما بوجهيها وبين الأولى (( لتكفرون بالذي خلق الأرض فى يومين )) الأحد والاثنين (( وتجعلون له أندادا )) شركاء (( ذلك رب )) مالك (( العالمين )) جمع عالم وهو ما سوى الله وجمع لاختلاف أنواعه بالياء والنون تغليبا للعقلاء . حفظ
ثم قال تعالى: (( قل أئنكم لتكفرون )) (قل) أي يا محمد لهؤلاء المكذِّبِين (أئنكم لتكفرون) الجملة هذه استفهام بمعنى التقرير يعني: إنَّكم لتَكْفُرون و(إن) للتوكيد و(لتكفرون) للتوكيد أيضًا وذلك لأنَّ اللام الواقعة في خبر (إن) أو اسمِها المؤَخِّر تكونُ للتوكيد، (قل أئنكم) هذا إعرابها فـ(إن) تنصب المبتدأ وترفع الخبر والكاف اسمُها وجملة (لتكفرون) خبرُها، أما مِن حيث القراءات فاستمع: يقول: " بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلِها " تحقيقِها أن تقول: (أَئِنَّكم) تسهيلها أن تقول: (أيِنَّكُم) سهِّلْها تمُرُّ بها بسرعة " وإدخال ألف بينهما بوجْهيها وبين الأولى " (بوجهيها) ما هما الوجهان؟ التَّحقيق والتسهيل، أدخِلْ ألفًا بينهما على القراءتين تكون القراءاتُ أربعة: إدخال الألف تقول: (ءَائِنَّكم) هذا في التحقيق (ءَايِنَّكم) هذا بالتسهيل، إذًا تحقيقٌ وتسهيل بألف وبدونِها اثنين في اثنين بأربع أربع قراءات (لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) تكفرون به أي تجحَدُونه وتستكْبِرُون عن عبادته، لأنَّ الكفر كلَّه يدورُ على شيئين انتبهوا لهما الكفر يدور على شيئين: إما جحد وإما استكبار فمثلًا الشيطان إنما كفر بايش؟ بالاستكبار وإلَّا فهو مُقِرٌّ بالله وبعزة الله وبقدرة الله لكنَّه استكبر، وآلُ فرعون ومَن شابههم كفروا بايش بالجحود، فمدارُ الكفرِ كله على هذين الأمرين الجَحْد أو الاستكبار، فقوله: (( لتكفرون )) يشمل المعنيين، لأنهم جحدوا توحيدَ الله عز وجل واستكبرُوا عن عبادتِه (( بالذي خلق الأرض في يومين )) لم يقل: بالله بل أتى بفعلٍ من أفعاله جل وعلا فِعْلٍ لا تقدِر عليه هذه الأصنام، والإتيانُ بالفعل الذي لا تقدر عليه الأصنام هو إقامةٌ للحجة في نفس الوقت أي تكفُرُون بهذا مع أنَّ أصنامكم لا تفعلُه (( لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين )) قال المفسر: الأحد والاثنين " لأنّ أول يوم ابتدَأَ الله فيه الخلق الأحَد (( وتجعلون له أندادًا )) الواو حرف عطف و(تجعلون) معطوفة على (تكفرون) لا على الصلة يعني لا على (خَلَق)، " (( وتجعلون له أندادًا )) شركاء " (أندادا) جمع نِدّ والند في الأصل هو المساوي والمماثل يقال: هذا نِدُّ هذا أي مماثلٌ له ونظيرٌ له، والمراد بهم هنا الشركاء الذين يعبدُونهم كما يعبدُون الله والعجب أنَّ هؤلاء المشركين مِن سفَهِهم يقولون: إنما نعبدهم ليقرِّبونا إلى الله، تعبدونهم مع الله وتقولون: يقربونا إلى الله؟ إنَّ الله غنِيٌّ عن هذا وهذا لا يزيدُكم من الله إلا بعدًا.
(( ذلك رب العالمين )) (ذلك) أتى باسم الإشارة دون الضمير ثم جعلَها إشارَة بُعْد للتعظيم والتفخيم والتَّعلية لأنَّ البعد هنا إشارةٌ إلى المكان العالي (ذلك رب العالمين) لو قال: هو رب العالمين استقام الكلام لكن لم يحصل ما تدُلُّ عليه الإشارة مِن التعظيم ثم ما يدُلُّ عليه صيغة البعد من العُلُوّ نظير ذلك (( الم * ذلك الكتاب )) ولم يقل: هو الكتاب ولا هذا الكتاب إشارةً إلى ما ذكرنا، (( ذلك رب العالمين )) قال المفسر: (مالك) وفي هذا التفسير قُصور بل نقول: خالِق ومالِك ومدَبِّر، لأنَّ الربوبية هي الخلْق والـمُلْك والتدبير فإذا قلنا: مالك صار في هذا قُصور، (ذلك رب العالمين) أي خالقُهم ومالكهم ومدَبِّر أمورهم، "
(( العالمين )) جمْعُ عالَم وهو ما سوى الله " عز وجل كلُّ ما سوى الله فهو عالم وسُمِّيَ عالم لأنه علَمٌ على خالقِه جل وعلا فإنَّ كلَّ شيء فيه آية تدل على وحدانية الله وقدرته وحكمته وعزته وغير ذلك، قال: " (( ذلك رب العالمين )) جمع عالم وهو ما سوى الله وجُمِعَ لاختلاف أنواعه " يعني لم يقل العالَم بل أتى بالعالمين، لاختلاف أنواعه، " بالياء والنون تغليبًا للعقلاء " فإن قال قائل: هل العُقَلاء أكثر أو غير العقلاء؟ ... عندنا الآن قولان: العقلاء أكثر، غير العقلاء أكثر ما في قول بالتوقف؟ نعم؟ أقول ما في شيء بتوقف؟ ... إذًا قل أنا متوقف إذا كنت لا تجزم قل متوقف حتى يكون فيه قولٌ ثالث؟ نعم، فيقال: إن قلنا إن العقلاء{ صليتوا ركعتين يا جماعة أنتم اللي جلستم؟ صلوا ركعتين تحية المسجد }إن قيل: العقلاء أكثر. يحتاج إلى دليل وربما يكون دليلُه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أطَّتِ السماء وحُقَّ لها أن تَئِطّ، ما مِن موضع أربع أصابع منها إلا وفيه ملك قائم لله أو راكعٌ أو ساجِد ) والسماء واسعة عظيمة كل سماء أوسع مما تحتها فمَن يحصِي هؤلاء؟ هذا شيء عظيم، البيت المعمور في السماء السابعة يدخلُه كلّ يوم من الملائكة سبعون ألف ملك لا يعودُون إليه مَن يحصِي الأيام وكلّ يوم يضربه بسبعين ألف ملك، فإذا رأينا إلى هذا قلنا: العقلاء أكثَر، العقلاء أكثَر مَن يحصي هؤلاء، وإن نظرْنا إلى ما في الأرض قلنا: غيرُ العقلاء أكثَر فعلى هذا التقدير أن المراد مثلًا أن نُريد مَن في الأرض نقول: إنَّه غُلِّبَ العقلاء لشرفِهم والحاصل أنَّ تغليب العقلاء إن كان العقلاء أكثر فغُلِّبُوا لِكَثْرَتِهم، طيب وإن قلنا: غير العقلاء أكثر فُغلِّب العقلاء أنت؟ كأني بك سرَحْت بعض الشيء .. يُغَلَّب مَن ليس بممَيِّز
الطالب: تشريفـ..
الشيخ : ؟ نعم لِشرَفِهم صح، على كل حال تغليبُ العقلاء الآن إن كان العقلاء أكثَر فلكثرتِهم، إن كان غير العقلاء أكثر فلشرف العقلاء، طيب (( ذلك رب العالمين ))