التعليق على تفسير الجلالين : (( وجعل )) مستأنف ولا يجوز عطفه على صلة الذي للفاصل الأجنبي (( فيها رواسي )) جبالا ثوابت (( من فوقها وبارك فيها )) بكثرة المياه والزروع والضروع (( وقدر )) قسم (( فيها أقواتها )) للناس والبهائم (( في )) تمام (( أربعة أيام )) أي الجعل وما ذكر معه في يوم الثلاثاء والأربعاء (( سوآء )) منصوب على المصدر ، أي استوت الأربعة استواء لا تزيد ولا تنقص (( للسائلين )) عن خلق الأرض بما فيها . حفظ
قال: (( وجعل فيها رواسي )) "( جعل) مستأنف " يعني وليس معطوفًا على (خَلَق) والعجب أنَّه يقول: " ولا يجوز عطفه على صِلِة الذي للفاصل الأجنبي " هذا ما ذهب إليه المؤلف أنَّ قوله: (وجعل) مستأنف ولا شك أننا إذا جعلْناه مستأنَفًا لم يكن الكلام منتظِمًا، والصواب أنه على خلاف ما قال المؤلف أنَّ (جعل) معطوفة على خلق يعني بالذي خلق الأرض في يومين وجعلَ فيها رواسي والفاصل الأجنبي هنا لا يضُر إمَّا أنَّه لا يضر مطلقًا كما قيل به، وإما أنه لا يضُرّ، لأنَّه في مضمون الكلام والكلامُ واحد، فالصواب أنَّ قوله: (وجعل) معطوفة على (خلق) أي: بالذي خلق الأرض في يومين وجعل فيها رواسي، " (( وجعل فيها رواسي )) جبالًا ثوابت " أولا (جعل) هنا هل هي مِن أفعال التصيير أو مِن أفعال الإيجاد؟ يحتمِل المعنى: وأوجدَ فيها رواسي ويحتمِل أن تكون من أفعال التصيير أي صَيَّر فيها رواسي والمعنى لا يختلِف لكن الإعراب يختلف، إذا قلنا من أفعال التصيير صارت تنصِب مفعولين وإذا قلنا من أفعال الإيجاد صارت تنصب مفعولًا واحدًا، وقول المؤلف: " جبال ثوابت " أفادنا رحمه الله أنَّ (رواسي) صفةٌ لموصوف محذوف والتقدير: جبالًا رواسي، و(رواسي) بمعنى ثوابت، (وجعل فيها رواسي) هل يجوز أن يُحذَفَ المنعوت؟ نعم وهو كثير جدًّا
وما مِن المنعُوت والنَّعْت عُقِل يجُوز حذْفُه وفي النعت يَقِلّ
أي وفي المنعوت يكثُر (( أن اعمل سابغات )) أي دروعًا سابغات، المهم كثيرة (( عملوا الصالحات )) كما مر علينا، حَذفُ المنعوت كثير، لأنَّ المقصودَ الصفة والصفة تكون بايش؟ بالنعت وهو موجود، (( من فوقها )) أي هذه الرواسي مِن فوق، ... يعني صيَّر فيها رواسي، نعم؟ المفعول الأول هو رواسي والثاني الجار والمجرور، وقوله: (( من فوقها )) انتبِه لهذه الكلمة لها فائدة عظيمة، الرواسي قد تكون مِن أسفل وقد تكون مِن فوق، أليس كذلك؟ قد تكون من أسفل يعني يكون مثلًا يحفر في الأرض قواعد تُرَسِّي وتكون راسية لكن هنا قال: من فوقها، وذلك لفوائد: الفائدة الأولى ظهور هذه الرواسي وبيانُها للناس حتى يعرِفوا بذلك حكمة الله عز وجل، وربما لا تكون رواسي إلا إذا كانت من فوق بناءً على أنَّ الأرض تدُور حتى تحفَظ توازُنَها، ثانيًا: هذه الرواسي إذا كانت مِن فوق حصل فيها مِن المنافع في دَرْءِ العواصف وفي الملاجِئ شيءٌ كثير كما هو معرُوف في المغارات وكما يُعرَف مِن سفوح الجبال وخدُوج الجبال ورُؤوس الجبال من نَوابت لا توجَد لولا هذه المرتفَعَات، وثالثًا: أنها توجِب أن تندفِع مياه الأمطار بشدة حتى تصِل إلى أراضِيَ صالحةٍ للنبات، لأنكم تعرفون أنَّ بعض الأرض سبِخَات ما فيها خير وبعضها رِيَاض تُنْبِت فإذا نزَل الماء على هذه الجبال على قمَمِها وعلى خُدُوجِها نزَلَ إلى الأرض بشدة عظيمة حتى يصِلَ إلى ما أراد الله إيصالَه، ورابعًا أنَّ في قِمَمِ الجبال مِن المعادن الجيِّدَة أكثر مما في الأرض السفلى ولهذا قال: (( وأنزَلْنا الحديد فيه بأس شديد )) أنزلْنَاه مِن قِمَمِ الجبال ولهذا يقول العلماء يقولون: إنَّ الحديد الذي يكون مِن قِمَم الجبال أعلى وأقوى من الذي يكون من الأسفل، هذا ما نعلمُه وما لا نعلمه أكثر، المهم أنَّ كلمة (من فوقها) صار لها فائدة عظيمة ذكرنا منها الآن أربع فوائد.
طيب " (( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها )) بكثرة المياه والزروع والضروع " بارك فيها أي في الأرض وما أعظَمَ بركات الأرض مِن الزروع والأشجار والأنهار والمعادن وغيرها من بركات الأرض، وقول المؤلف: الضُّرُوع يعني ضُرُوع البهائم لأنَّ البهائم كلما شبِعَت من الربيع ازداد دَرُّها ومن يتأَمَّل يجِد أنَّ في الأرض بركاتٍ عظيمة حملت الأحياء والأموات والوحوش والسباع والبهائم والحشرات والآدميين، وكانت سعة أيضًا مع كثرة ما فيها، الآن هؤلاء الأحياء الذين على ظهر الأرض لو كان الناس يحْيَوْن إلى الآن لرأَيْتَ أمرًا بشِعًا وصعْبًا لكن جعل الله الأرض كفاتًا أحياءً وأمواتًا وهذه من بركاتها.
(( وقدَّر فيها أقواتها )) (قدَّر) قال المؤلف: " قسَّم (( فيها أقواتها )) للناس والبهائم " إلى آخره قَدَّرَ فيها الأقوات يقول: قدَّر مِن التقدير وهو التقسيم، قدَّر الأقوات ولم يجعَلِ القُوت في جانب واحِد من الأرض، لو كان في جانبٍ واحد من الأرض لشَقَّ هذا على الناس كثيرًا أليس كذلك؟ لو قُدِّر مثلًا أنَّ الأقوات لا تكون إلا في غرْب الكرة فكيف يعِيش أهل الشرق أو بالعكس كيف يعِيش أهلُ الغرب لكنَّه مُقَدَّر، ثم قدَّره من ناحيةٍ أخرى جعل في هذه الأراضي ما لا يصلُح في الأراضي الأخرى والعكس الحكمة: مِن أجل أن يتبَادَل الناس الأقوات فيأتِي الناس الذين ليس عندهم هذا النوع من القوت يذهبون إلى الأراضي اللي فيها هذا القوت يجلبُونَه إلى الأرض الخالية منه وكذلك العكس، في بعض الجهات من الأرض ما يكثُر فيه النخيل والعنب لكن يقِلُّ فيه الحَمْضِيَّات وأشباهها، وفيه أيضًا أشياء كثيرة أنا لست مِن أهل الزراعة لكن في أشياء كثيرة تصْلُح في مكان دون مكان مِن أجل أن يقَعَ التبادل بين الناس والضَّرْب في الأرض ابتغاء الرزق وهذا مِن الحكمة في قولِه: (( وقدر فيها أقواتها )).
(( في أربعة أيام )) " (( في )) تمام (( أربعة أيام )) أي الجعل وما ذُكِرَ معه في يوم الثلاثاء والأربعاء " إذا كان خلْق الأرض أولها الأحد والاثنين ثم قال: في أربعة أيام ماذا يكون الباقي؟ الثلاثاء والأربعاء فتكُون الأرض خُلِقَت وقُدِّرَ فيها الأقوات في أربعة أيام.
قال الله تعالى: (( سواءً للسائلين )) " منصوب على المصدَر أي استوَتِ الأربعة استواءً لا تزيد ولا تنقص " فأفادنا بقوله: (استوت استواء) أنَّ سواءً اسم مصدر فقولُه: (منصوب على المصدر) فيه تجَوُّز، لأننا إذا قلنا: (سواء) مصدَر (استوى) فإنه لا يستقيم على القاعدة، لأن القاعدة أنَّ المصدر ما وافَق الفعْل في حروفه وهنا (استوى) لا توافقُها (سَواء) بل الذي يوافقها (استواء) إذًا فـ(سواء) تكون اسم مصدر مثل كَلَّم والمصدر تَكْلِيم واسم المصدر (كلام)، طيب هنا (استوى) والمصدر (استِوَاءٌ) واسم مصدر (سواء) المهم أنَّ قوله: (سواء) يعني أنَّ هذا الخلق استوعب الأربعةَ كلها لم يكُن في يومين أو ثلاثة بل في الأيام الأربعة كلِّها، فعلى هذا يكون قوله: " منصوب على المصدر " الصواب أن يقال: على أنه مفعولٌ مطلق أي استَوَتِ الأربعة استواءً لا تزِيد ولا تنقص، " (( للسائلين )) عن خلقِ الأرض بما فيها " (للسائلين) هذه لا تظُنُّوا أنها متعَلِّقَة بسواء بل هي جوابٌ لخبر محذوف أي: هذا جوابٌ للسائلين أو نحو هذه الكلمة المهم أنّ قوله: (للسائلين) يفيد أنَّ ما ذُكِر جواب لِمَنْ سَأَل عن خلْق الأرض وأقواتها بأنها في أربعة أيام سواء
وما مِن المنعُوت والنَّعْت عُقِل يجُوز حذْفُه وفي النعت يَقِلّ
أي وفي المنعوت يكثُر (( أن اعمل سابغات )) أي دروعًا سابغات، المهم كثيرة (( عملوا الصالحات )) كما مر علينا، حَذفُ المنعوت كثير، لأنَّ المقصودَ الصفة والصفة تكون بايش؟ بالنعت وهو موجود، (( من فوقها )) أي هذه الرواسي مِن فوق، ... يعني صيَّر فيها رواسي، نعم؟ المفعول الأول هو رواسي والثاني الجار والمجرور، وقوله: (( من فوقها )) انتبِه لهذه الكلمة لها فائدة عظيمة، الرواسي قد تكون مِن أسفل وقد تكون مِن فوق، أليس كذلك؟ قد تكون من أسفل يعني يكون مثلًا يحفر في الأرض قواعد تُرَسِّي وتكون راسية لكن هنا قال: من فوقها، وذلك لفوائد: الفائدة الأولى ظهور هذه الرواسي وبيانُها للناس حتى يعرِفوا بذلك حكمة الله عز وجل، وربما لا تكون رواسي إلا إذا كانت من فوق بناءً على أنَّ الأرض تدُور حتى تحفَظ توازُنَها، ثانيًا: هذه الرواسي إذا كانت مِن فوق حصل فيها مِن المنافع في دَرْءِ العواصف وفي الملاجِئ شيءٌ كثير كما هو معرُوف في المغارات وكما يُعرَف مِن سفوح الجبال وخدُوج الجبال ورُؤوس الجبال من نَوابت لا توجَد لولا هذه المرتفَعَات، وثالثًا: أنها توجِب أن تندفِع مياه الأمطار بشدة حتى تصِل إلى أراضِيَ صالحةٍ للنبات، لأنكم تعرفون أنَّ بعض الأرض سبِخَات ما فيها خير وبعضها رِيَاض تُنْبِت فإذا نزَل الماء على هذه الجبال على قمَمِها وعلى خُدُوجِها نزَلَ إلى الأرض بشدة عظيمة حتى يصِلَ إلى ما أراد الله إيصالَه، ورابعًا أنَّ في قِمَمِ الجبال مِن المعادن الجيِّدَة أكثر مما في الأرض السفلى ولهذا قال: (( وأنزَلْنا الحديد فيه بأس شديد )) أنزلْنَاه مِن قِمَمِ الجبال ولهذا يقول العلماء يقولون: إنَّ الحديد الذي يكون مِن قِمَم الجبال أعلى وأقوى من الذي يكون من الأسفل، هذا ما نعلمُه وما لا نعلمه أكثر، المهم أنَّ كلمة (من فوقها) صار لها فائدة عظيمة ذكرنا منها الآن أربع فوائد.
طيب " (( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها )) بكثرة المياه والزروع والضروع " بارك فيها أي في الأرض وما أعظَمَ بركات الأرض مِن الزروع والأشجار والأنهار والمعادن وغيرها من بركات الأرض، وقول المؤلف: الضُّرُوع يعني ضُرُوع البهائم لأنَّ البهائم كلما شبِعَت من الربيع ازداد دَرُّها ومن يتأَمَّل يجِد أنَّ في الأرض بركاتٍ عظيمة حملت الأحياء والأموات والوحوش والسباع والبهائم والحشرات والآدميين، وكانت سعة أيضًا مع كثرة ما فيها، الآن هؤلاء الأحياء الذين على ظهر الأرض لو كان الناس يحْيَوْن إلى الآن لرأَيْتَ أمرًا بشِعًا وصعْبًا لكن جعل الله الأرض كفاتًا أحياءً وأمواتًا وهذه من بركاتها.
(( وقدَّر فيها أقواتها )) (قدَّر) قال المؤلف: " قسَّم (( فيها أقواتها )) للناس والبهائم " إلى آخره قَدَّرَ فيها الأقوات يقول: قدَّر مِن التقدير وهو التقسيم، قدَّر الأقوات ولم يجعَلِ القُوت في جانب واحِد من الأرض، لو كان في جانبٍ واحد من الأرض لشَقَّ هذا على الناس كثيرًا أليس كذلك؟ لو قُدِّر مثلًا أنَّ الأقوات لا تكون إلا في غرْب الكرة فكيف يعِيش أهل الشرق أو بالعكس كيف يعِيش أهلُ الغرب لكنَّه مُقَدَّر، ثم قدَّره من ناحيةٍ أخرى جعل في هذه الأراضي ما لا يصلُح في الأراضي الأخرى والعكس الحكمة: مِن أجل أن يتبَادَل الناس الأقوات فيأتِي الناس الذين ليس عندهم هذا النوع من القوت يذهبون إلى الأراضي اللي فيها هذا القوت يجلبُونَه إلى الأرض الخالية منه وكذلك العكس، في بعض الجهات من الأرض ما يكثُر فيه النخيل والعنب لكن يقِلُّ فيه الحَمْضِيَّات وأشباهها، وفيه أيضًا أشياء كثيرة أنا لست مِن أهل الزراعة لكن في أشياء كثيرة تصْلُح في مكان دون مكان مِن أجل أن يقَعَ التبادل بين الناس والضَّرْب في الأرض ابتغاء الرزق وهذا مِن الحكمة في قولِه: (( وقدر فيها أقواتها )).
(( في أربعة أيام )) " (( في )) تمام (( أربعة أيام )) أي الجعل وما ذُكِرَ معه في يوم الثلاثاء والأربعاء " إذا كان خلْق الأرض أولها الأحد والاثنين ثم قال: في أربعة أيام ماذا يكون الباقي؟ الثلاثاء والأربعاء فتكُون الأرض خُلِقَت وقُدِّرَ فيها الأقوات في أربعة أيام.
قال الله تعالى: (( سواءً للسائلين )) " منصوب على المصدَر أي استوَتِ الأربعة استواءً لا تزيد ولا تنقص " فأفادنا بقوله: (استوت استواء) أنَّ سواءً اسم مصدر فقولُه: (منصوب على المصدر) فيه تجَوُّز، لأننا إذا قلنا: (سواء) مصدَر (استوى) فإنه لا يستقيم على القاعدة، لأن القاعدة أنَّ المصدر ما وافَق الفعْل في حروفه وهنا (استوى) لا توافقُها (سَواء) بل الذي يوافقها (استواء) إذًا فـ(سواء) تكون اسم مصدر مثل كَلَّم والمصدر تَكْلِيم واسم المصدر (كلام)، طيب هنا (استوى) والمصدر (استِوَاءٌ) واسم مصدر (سواء) المهم أنَّ قوله: (سواء) يعني أنَّ هذا الخلق استوعب الأربعةَ كلها لم يكُن في يومين أو ثلاثة بل في الأيام الأربعة كلِّها، فعلى هذا يكون قوله: " منصوب على المصدر " الصواب أن يقال: على أنه مفعولٌ مطلق أي استَوَتِ الأربعة استواءً لا تزِيد ولا تنقص، " (( للسائلين )) عن خلقِ الأرض بما فيها " (للسائلين) هذه لا تظُنُّوا أنها متعَلِّقَة بسواء بل هي جوابٌ لخبر محذوف أي: هذا جوابٌ للسائلين أو نحو هذه الكلمة المهم أنّ قوله: (للسائلين) يفيد أنَّ ما ذُكِر جواب لِمَنْ سَأَل عن خلْق الأرض وأقواتها بأنها في أربعة أيام سواء