فوائد قوله تعالى : (( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون * فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون )) . حفظ
في هذه الآيات فوائد منها بيان عِظم استكبار هؤلاء المكذبين لنبيِّهم أعني عادًا، لقولِه: (( استكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة )).
ومنها بيانُ طغيانِ الإنسان وأنَّ الإنسان لا حَدَّ لطغيانه، لأنَّ وُصولَه إلى هذه الدرجة (مَن أشد منا قوة) يدُلُّ على الطُّغْيَان العَظيم والكبرياء.
ومنها حكمة الله عز وجل بِأَخْذِهم بالعذاب حيث أُخِذُوا بما هو ألطَفُ الأشياء وهو الريح اللطيفة التي يكون بها إنعاش البدن وتقويتُه ونشاطُه هي التي أُهلِكَ بها عاد، لأنهم قالوا: (( من أشد منا قوة ))، وانظر إلى فرعون حين قال: (( أليس لي مُلْكُ مصرَ وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون * أم أنا خير مِن هذا الذي هو مهين ولا يكاد يُبين )) بماذا عُذِّب؟ بالماء الذي كان بالأمس يفْتَخِرُ به.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة بلاغةُ القرآن في الإقناع وإقامة الحجة لقوله: (( أو لم يروا أنَّ الله الذي خلقهم هو أشدُّ منهم قوة )) وجهُ ذلك أنه قال: (( الذي خلقهم )).
ومن فوائد الآية الكريمة جوازُ عقْدِ المفاضلة بين الخالق والمخلوق، لقوله: (( أشد منهم قوة )) مع أنه سبحانه وتعالى أشدُّ مِن كُلِّ أحد لكن المقام مقام مُحَاجَّة ومقام الـمُحَاجَّة لا بأس أن يُذكَر فيها المفاضلة بين الـمُفَضَّل والـمُفَضَّل عليه، ونظيرُ هذا بل أبلغ منه قول الله تعالى: (( آلله خير أم ما يشركون )) أفِيدُوني: هل في أصنامهم خير؟ الطالب: لا. الشيخ : لكن هذا مِن باب الـمُحَاجَّة وأنَّ الإنسان يُحَاجُّ الخصمَ بما يُقِرُّ به