التعليق على تفسير الجلالين : (( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شيء )) أي أراد نطقه (( وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون )) قيل : هو من كلام الجلود ، وقيل : هو من كلام الله تعالى كالذي بعده وموقعه قريب مما قبله بأن القادر على إنشائكم ابتداء وإعادتكم بعد الموت أحياء قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم . حفظ
يُنطِقُ كلَّ شيء قال المؤلف: " أي أراد نطقه " ولا حاجةَ إلى هذا القيد، لأن الله تعالى لا يكرِهُه أحد حتى نقول: إنَّ هذا الفعل مقيَّدٌ بالإرادة نقول: أنطق كلَّ شيءٍ ولا نقول: أراد نطقه، لأنه لا يمكن أن ينطِق الشيء إلا بعد إرادة الله، ومثلُ هذا القيد غير مناسب، لأننا لو اعتبرْنَاه لقلنا: كلُّ فعل ذكرَه الله عن نفسِه يجب أن نقَيِّدَه بالإرادة وهذا أمر مستكره، إذ أنَّنا نعلَم أنَّ كلَّ فعلٍ فعلَه الله فإنما هو عن إرادة كما قال تعالى: (( إنما أمرُه إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون ))، فالله تعالى أنطَقَ كلَّ شيء هل أنطق الحجر؟ نعم أنطَق الحجَر والشجر وسُمِعَ تسميعُ الحصى والطعام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل قال الله تعالى: (( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ))[الإسراء:44] كلّ شيء يسبِّح الله بلسان المقال إلَّا الكافر فإنَّه لا يسبِّحُ الله بلسان المقال، لأنه كافرٌ بالله يصِفُ اللهَ تعالى بكل نقصٍ وعيب، وكلُّ شيء يسبِّح اللهَ بلسان الحال حتى الكافر يسبِّح الله بلسان الحال كيف ذلك؟ الكافر ما أودَع الله فيه من الآيات في الخِلْقة والخُلُق وما أشبه ذلك كله يسَبِّحُ الله عز وجل أي يسْتدَلُّ به على تنزيهِ الله عن كل نقص وعيب.
قال: (( وهو خلقَكم أول مرة وإليه ترجعون )) قيل: " هو مِن كلام الجُلُود وقيل: هو مِن كلام الله تعالى كالذي بعدَه وموقعه قريبٌ مما قبله بأنَّ القادر على إنشائكم ابتداءً وإعادتِكم بعد الموت أحياءً قادِرٌ على إنطَاق جلودِكم وأعضائِكم " قوله: (( وهو خلقكم أول مرة )) يحتمِل أنه مِن كلام الله يخاطِب به هؤلاء المكذبين والأعداء، ويحتمِل أنه تتِمَّةُ كلام الجُلود يعني أنَّ الجلود تستدِلّ على قدرة الله تعالى على إنطاقِها بأنّه خلقَهم أول مرة، يقول المؤلف في بيان ذلك: " قيل هو من كلام الجلود وقيل هو من كلام الله " أيهما قَدَّم؟ لا، إذا قال المؤلفون: قِيل كذا وقيل كذا فالخلاف هنا مطلَق لا تقدِيم فيه ولا تأخير، وإذا قيل: (هو مِن كلام الجلود وقيل: مِن كلام الله) هنا يكون قدَّم الأول انتبهوا لهذا، أما إذا قال المؤلفون: قيل وقيل فهذا ليس فيه تقديم بل هو نقل خلافٍ على وجه الإطلاق، " قيل هو من كلام الجلود وقيل هو من كلام الله " وعلى هذا فالقولان لدى المؤلف متساويان، فأيُّهما أقرب: أن نجعلَه من كلام الجلود حتى يتصِلَ الكلام بعضُه ببعض أو من كلام الله؟ الأول مِن حيث اللفظ أقرَب أنَّ الجلود تقول: (( أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )) وتقول لهؤلاء: (( هو الذي خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ))، لكن القول الثاني أقوَمُ للمعنى يعني أنَّ الله لَمَّا بيَّن أن هؤلاء يُعادُون يوم القيامة ويحاسَبُون وتشهد عليهم السمع والأبصار والجلود بيَّنَ عزَّ وجل أنَّه قادر على الإعادة، لأنَّ هؤلاء الذين كذَّبوا ينكرُون البعث فقال: (( وهو خلقكم أول مرة )) والقادر على الخلق أول مرة قادرٌ على إعادته واضح؟ دليلُ ذلك قوله تعالى: (( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيدُه وهو أهون عليه )) فهو يقول: هو خلقكم أولَ مرة والقادر على ذلك قادِر على الإعادة، وقوله: (( وإليه ترجعون )) هذا فيه أيضًا إشارة إلى الحكمة من خلْقِ الخلق أنهم يُبتَلَوْن فيؤمَرُون ويُنْهَون ومآلهم إلى من؟ إلى الله عز وجل يجازيهم بحسب أعمالهم التي كلَّفَهم بها
قال: (( وهو خلقَكم أول مرة وإليه ترجعون )) قيل: " هو مِن كلام الجُلُود وقيل: هو مِن كلام الله تعالى كالذي بعدَه وموقعه قريبٌ مما قبله بأنَّ القادر على إنشائكم ابتداءً وإعادتِكم بعد الموت أحياءً قادِرٌ على إنطَاق جلودِكم وأعضائِكم " قوله: (( وهو خلقكم أول مرة )) يحتمِل أنه مِن كلام الله يخاطِب به هؤلاء المكذبين والأعداء، ويحتمِل أنه تتِمَّةُ كلام الجُلود يعني أنَّ الجلود تستدِلّ على قدرة الله تعالى على إنطاقِها بأنّه خلقَهم أول مرة، يقول المؤلف في بيان ذلك: " قيل هو من كلام الجلود وقيل هو من كلام الله " أيهما قَدَّم؟ لا، إذا قال المؤلفون: قِيل كذا وقيل كذا فالخلاف هنا مطلَق لا تقدِيم فيه ولا تأخير، وإذا قيل: (هو مِن كلام الجلود وقيل: مِن كلام الله) هنا يكون قدَّم الأول انتبهوا لهذا، أما إذا قال المؤلفون: قيل وقيل فهذا ليس فيه تقديم بل هو نقل خلافٍ على وجه الإطلاق، " قيل هو من كلام الجلود وقيل هو من كلام الله " وعلى هذا فالقولان لدى المؤلف متساويان، فأيُّهما أقرب: أن نجعلَه من كلام الجلود حتى يتصِلَ الكلام بعضُه ببعض أو من كلام الله؟ الأول مِن حيث اللفظ أقرَب أنَّ الجلود تقول: (( أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )) وتقول لهؤلاء: (( هو الذي خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ))، لكن القول الثاني أقوَمُ للمعنى يعني أنَّ الله لَمَّا بيَّن أن هؤلاء يُعادُون يوم القيامة ويحاسَبُون وتشهد عليهم السمع والأبصار والجلود بيَّنَ عزَّ وجل أنَّه قادر على الإعادة، لأنَّ هؤلاء الذين كذَّبوا ينكرُون البعث فقال: (( وهو خلقكم أول مرة )) والقادر على الخلق أول مرة قادرٌ على إعادته واضح؟ دليلُ ذلك قوله تعالى: (( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيدُه وهو أهون عليه )) فهو يقول: هو خلقكم أولَ مرة والقادر على ذلك قادِر على الإعادة، وقوله: (( وإليه ترجعون )) هذا فيه أيضًا إشارة إلى الحكمة من خلْقِ الخلق أنهم يُبتَلَوْن فيؤمَرُون ويُنْهَون ومآلهم إلى من؟ إلى الله عز وجل يجازيهم بحسب أعمالهم التي كلَّفَهم بها