التعليق على تفسير الجلالين : (( وما كنتم تستترون )) عن ارتكابكم الفواحش من (( أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم )) لأنكم لم توقنوا بالبعث (( ولكن ظننتم )) عند استتاركم (( أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون )). حفظ
ثم قال الله تعالى: (( وما كنتم تستَتِرُون )) إلى آخره هذا هو معنى قول المؤلف: " كالذي بعده " وش الذي بعده؟ (وما كنتم تستترون) هذا لا شكّ أنَّه من كلام الله وليس من كلام الجلود، وقول المؤلف رحمه الله: " وموقعُه قريب مما قبله " يعني موقِع هذا الكلام (وهو خلقكم أول مرة) قريبٌ مما قبله يعني يبَيِّن المناسبة مناسبة هذه الجملة لِمَا قبلَها وهو أنَّ القادِرَ على إنشائكم ابتداءً وإعادَتكم بعد الموت أحياءً قادرٌ على إنطاقِ جلودكم وأعضائكم، " (( وما كنتم تستترون )) عن ارتكابكم الفواحش من (( أنْ يشهدَ عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم )) " يعني ما كنتم تستَخْفُون في معاصيكم وكفركم وغيرِ ذلك مما يستَتِرُون به خوفًا من أن يشهدَ عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، يعني أنَّ الكفار يستترون أحيانًا بالمعاصي ليسوا يستتَرِون خوفًا مِن أن تشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم، لأنَّ هذه الأشياء لا استتارَ عنها إطلاقًا، إذ أنَّها هي الإنسان ولا يمكن الاستتار عنها، وأيضًا هم لا يؤمنون أنَّها سوف تشْهد عليهم يومًا من الأيام فصاروا لا يستَتِرُون عن هذه الأشياء لوجهين: الأول: أنه لا انفِكَاكَ عنها وجهُه؟ أنَّها هي مُكَوِّنَاته، الوجه الثاني: أنه ما كان يطرَأُ على بالِهم يومًا من الأيام أنَّ هذه سوف تشهَدُ عليهم لأنهم ينكِرُون البعث وإنكارُ البعث يستلزِم ألَّا يؤمِنُوا بأنها تشهَدُ عليهم، (( وما كنتم تستترون )) معنى (تستترون) تستخفون وقوله: (( أن يشهد )) هي على تقدير محذوف التقدير: خوفَ أن يشهَد عليكم سمعكم وأبصاركم إلى آخره، يقول: " لِأنكم لم توقِنُوا بالبعث " هذا التعليل أضَفْنا إليه تعليلًا آخر وهو عدم انفكَاك جلودِهم وسمعِهم وأبصارهم " (( ولكن ظننْتُم )) عند استتارِكم (( أنَّ الله لا يعلَمُ كثيرًا مما تعملون )) هذا الذي ظنُّوه بالله فظَنُّوا بالله تعالى ظَنَّ السَّوْء وأنهم إذا استترُوا عن الخلق استتَرُوا عن الله ولهذا قال: (( كثيرًا مما تعلمون )) الكثير الثاني ما يفعلونه علانية ولا يهتَمُّون به