التعليق على تفسير الجلالين : (( وقال الذين كفروا )) في النار (( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس )) أي إبليس وقابيل سنا الكفر والقتل (( نجعلهما تحت أقدامنا )) في النار (( ليكونا من الأسفلين )) أي أشد عذابا منا . حفظ
ثم قال تعالى: (( وقالَ الذين كفروا ربنا أرِنَا الذَيْن أضَلَّانَا مِن الجن والإنس )) (وقال الذين كفروا ربنا أرنا) كفروا بمن؟ كفروا بالله عز وجل بسبَب إضلالِ الشيطان من الجِنِّ والإنسان، (قال الذين كفروا) أي يقول المؤلف: " في النار " (( ربنا أرِنَا الذين أضلَّانا )) قوله: " في النار " هذا قيد لا يدل عليه القرآن فإنه يحتمِل أنهم يقولون ذلك في النار أو في عرصات القيامة الله أعلم، لكنَّهم لابد أن يقولوا هذا القول، (( قالوا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس )) أرِنَا أي اجعَلْنا نرَى، و(الذين أضلانا من الجن والإنس) (الذَيْن) اسم موصول مثَنَّى والمراد الجنس لا الواحد، وقوله: (أضلانا من الجن والإنس) بيانٌ لـ(الذي) قال المؤلف: " أي إبليس وقابيل سَنَّا الكفر والقتل " يعني معناه أنَّ المؤلف رحمه الله حمَل هذا العموم على التَّعْيِين فقال: (الذين أضلانا) مثنى اثنين أحدُهما إبليس سَنَّ الكفر هو أوَّل مَن كفر يا صالح، والثاني قابيل سَنَّ القتل، فالأول عدوانٌ في حق الله والثاني عدوانٌ في حق عباد الله، أمَّا إبليس فأوَّل من سَنَّ الكفر لأن الله أمره أن يسجد لآدم فأبى واستكبر وكان من الكافرين، وأما قابيل فأوَّلُ مَن سَنَّ القتل بغير حَقّ لأنه قتَلَ أخاه حسدًا وبغْيا، قرَّبا قربانًا فتُقُبِّل مِن أحدهما ولم يُتَقَبَّل من الآخر وكيف عَلِما أنه تُقُبِّلَ من أحدهما دون الآخر؟ الله أعلم إما أن يكون بنارٍ نزلت فأكلَت ما تُقُبِّل كما يكون ذلك في الغنائم سابقًا، وإما بغيرِ ذلك من العلامات، المهم أنَّ أحدَهما تُقُبِّل منه والثاني لم يُتَقَبِّل، الذي تُقُبِّلَ منه هو هابيل، والثاني قابيل لم يُتَقَبَّلْ منه، فحسدَه وقال: لأقتلنك. لماذا؟ حسدًا لأنَّ الله تقبَّل منه، فقال له أخوه هابيل: إنما يتقَبَّل الله من المتقين. كأنَّه يقول له: اتقِ الله فيتقَبَّل منك، ثم قال له: لئن بسَطتَّ إلي يدك لتقتلَنِي ما أنا بباسِطٍ يدِيَ إليك لأقتلَك إني أخاف الله رب العالمين. يعني أنك إن أرَدت أن تقتلني .. فإني أخاف الله، ولعلَّ هذا كان في شريعة مَن سبَقَ أنه