فوائد قوله تعالى : (( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير )) . حفظ
مِن فوائد هذه الآية: الاستدلال بالمحسُوس المنظور على الموعود المنتظر وجهُه: أنَّ الله استدَلَّ بالشيء المنظور المحسوس وهو نبات الأرض بعد أن كانت هامدة على شيء منتَظَر وهو إحياء الموتى بعد موتهم.
وفيه أيضًا: الاستدلَال بالأدلة العقلية، أنَّ الإنسان يستَدِل بالمحسُوس على المعقول، يعني أنَّ قُدْرَةَ الله على هذا تدُلُّ على قُدْرَتِه على الآخر.
ومن فوائدها أيضا: استعمال القياس وأنَّ القياس ثابِت، لأنَّ الله تعالى قاسَ إحياءَ الموتى على إحياءِ الأرض.
ومِن فوائد الآية الكريمة: تأكِيد ما ينبغِي تأكيدُه سواءٌ كان ذلك بإنكار منكِر أو شكِّ شاكّ أو أهمية الأمر، لأنَّ التأكيدات تكون إمَّا لأهمية الأمر وإمَّا لرَفْعِ الشك والتَّرَدُّد في الشيء حتى يكونَ أمرًا يقينيًّا، وإمَّا لإثبات الشيء المنكَر، فمثلًا إذا كانت الآية تُخاطِب الذين ينكرون البعث فهذا الإِثبات لِإِثْبَات مُنكَر يعني إثبات شيء أنكرَه قوم، وإذا كانت الآية تخاطِب مَن يترددون في ذلك فهي لرفع الشك والتردد وإذا قدَّرْنا أنَّها تخاطب مَن لا شك عنده ولا إنكار فهو لأهمية الأمر لأهمية الموضوع لأنَّ الإيمان بذلك هو الذي يحدُو الإنسان إلى أن يعمَل لولا أن الإنسان يؤمن بأنه سوف يُبعَث ويُجازَى لكان غيرَ نشيط على العمل، أكثر ما يُنَشِّطُ الإنسان على العمل هو خوفُه يوم القيامة.
ومن فوائد الآية الكريمة: عموم قدرة الله عز وجل، لقوله: (( إنه على كل شيء قدير )) فلا يُعجِزُه شيء لِتمام علمِه وتمَام قدرته، قال الله تعالى: (( وما كان الله لِيعجزَه مِن شيءٍ في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا )) لأنَّ العاجز إما أن يكون لعدَم علمِه وإما أن يكون لعدم قدرته، فنفَى الله عز وجل العجز وبيَّن أنَّ ذلك بسبب كمال علمه وقدرته { انتبه يا ولد الأخ انتبه } طيب إذًا (( إن الله على كل شيء قدير )) ذكر الجلال السيوطي غفَر الله لنا وله في سورة المائدة كلامًا منكرًا قال: " وخَصَّ العقلُ ذاتَه فليس عليها بقَادِر " يعني كأنه يقول: على كل شيء قدير إلا على ذاتِه فليس عليها قادرًا وهذا لا شك أنه قولٌ منكر كأنه يقول مثلًا: هل يقدِر الله عز وجل على أن يُفنِيَ نفسَه؟ على كلامه، نقول: هذا قولٌ ساقط، لأنَّ القدرة إنما تتعلق بالشيء الممكن أما الشيء المستحيل فهو مستحيل، وليس مستَحِيلا على قدرتنا لا، المستحيل على قدرتنا غير المستحيل على قُدرَة الله، لكن المستحيل لذاته فإنه لا يمكن أن تتعَلَّق به قدرة ولا غير قدرة إلَّا العلم، ولهذا قال السَّفَّارِيني في العقيدة: بقُدْرَةٍ تعلَّقَتْ بِمُمْكِن، فيقال للجلال عفا الله عنا وعنه: إن أردت أنَّ الله ليس بقادر على أن يُفنِي نفسه فهذا أمرٌ غير وارِد إطلاقًا، لأن القدرة لا تتعلق بهذا، وإن أردت أنَّه غير قادر على أن ينزل إلى السماء الدنيا وأن يأتي للفَصل بين عباده وأن يستَوي على عرشه ونحو ذلك من الأفعال الاختيارية فهذا كذِب، بل هو قادر على ذلك لكنَّ السيوطي عفا الله عنا وعنه ممن يرَوْن أنَّ الأفعال الاختيارية لا تقُوم بالله يعني يقول: إنَّ الله ما يمكن ينزل ولا يستوي ولا يأتِي يوم القيامة، لأنَّ هذه على زعمه حوادِث والحوادث لا تتعَلَّق إلا بحادث، على كل حال هذه فلسفة جاءَ بها أهل الكلام وما أكثر ما جاءوا به من الكلام، وكلامُهم كلامٌ في كلام، لا فائدة فيه، تطويلٌ بلا فائدة، إضاعة للوقت بلا فائدة، مُؤَدٍّ إلى الشَّكّ والترَدُّد بلا فائدة، ولهذا قال بعضهم: " أكثَرُ الناس شَكًّا عند الموت أهلُ الكلام " نعوذ بالله، لماذا؟ لأنهم لم يبْنُوا عقيدتهم على الكتاب والسنة بنَوْها على وهمِيَّاتٍ ظنُّوها عَقْلِيًّات فضَلُّوا وأضلوا، نحن نقول كما قال ربنا عز وجل: (( إن الله على كل شيء قدير )) فقط ويكفِي، أما العلم فهو أوسع من القدرة العلم أوسع من القدرة، لأنَّ العلم يتعلق بالواجب والمستحيل والممكن، يعني علمُ الله متعَلِّق بكُلِّ شيء يتعلق حتى بالمستحيل قال الله تعالى: (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) وهذا مستحيل ومع ذلك تعلَّق به العلم، (( ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومَن فِيهن )) وهذا أيضًا مِن المستحيل على حكمة الله عز وجل.
ومن فوائد الآية الكريمة: الاستدلال بالعموم على الخصوص فالله تعالى استدَلَّ على قدْرَتِه على إحياء الموتى بدليلين: أحدهما خاص والثاني: عام الخاص، ما هو الخاص؟ إحياء الأرض بعد موتها، العام: (( إنه على كل شيء قدير )) وينبني على هذه الفائدة أنَّ العام يتناوَلُ جميعَ أفراده وقد ذَكَرَ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله حين علَّمَ أُمَّتَه التشَهُّد قال: ( إذا فعلتم ذلك فقد سَلَّمْتُم على كلِّ عبدٍ صالح في السماء والأرض ) فمثلًا إذا قال الرجل: دُورِي وَقْف. يشمل جمِيع الدُّور؟
الطالب: نعم
الشيخ : طيب، ولو قال: سياراتي لفلان. يشمل جميع السيارات، ولو قال: نسائِي طوالق. يشمَل كل امرأة له، ولو قال: عبيدِي أحرار. شمل كُلَّ عبد، المهم أنَّ العام يتناول جميعَ أفرادِه طيب