التعليق على تفسير الجلالين : (( له ما في السموات وما في الأرض )) ملكا وخلقا وعبيدا (( وهو العلي )) على خلقه (( العظيم )) الكبير . حفظ
قال المؤلف: " ملكا وخلقا وعبيدا " لو بدأ بالخلق قبل الملك لكان أحسن لأن الخلق سابق، وعلى كل الحال المسألة ما هي ذات أهمية كبيرة المهم أن له ما في السماوات ملكا يعني أنه مالك أعيانها، وخلقا يعني أنه خالقها، وعبيدا بالمعنى القدري يعني أن ما في السماوات والأرض متذلل لله تعالى كما قال عز وجل : (( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا )) وقوله : (( ما في السماوات )) جمعها وما في الأرض أفردها لأن السماوات أعظم من الأرض، ولهذا تجيء كثيرا بلفظ الجمع وتجيء بلفظ الإفراد كما في قوله تعالى: (( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء )) فإذا جاءت بالإفراد فالمراد الجنس، وإذا جاءت بالجمع فالمراد العدد، والسماوات عددها سبع كما قال تعالى: (( قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم )) الأراضون لم تأتي في القرآن إلا مفردة باعتبار الجنس، ولكن القرآن أشار إلى أنها سبع في قوله تعالى: (( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن )) المثلية لو نزلتها على الكيفية يصح أو لا يصح ؟ لا يصح لأن السماء أعظم وأوسع، إذن ما بقي إلا أن ننزلها على الكمية فيكون المعنى: (( مثلهن )) يعني في العدد سبع أراضين، وقد جاء في السنة بلفظ السبع فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله به يوم القيامة من سبع أراضين ) وهذا نص صريح وكذلك أيضا يروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول إذا أقبل على البلد: ( اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأراضين السبع وما أقللن ) الأراضين السبع، فهي سبع أراضين ولكن كيف هي سبع أراضين هل المعنى أنها سبعة أقاليم أو سبعة قارات أو ماذا ؟ نقول: هي سبع أراضين طباقا كما أن السماوات سبع طباقا كذلك الأراضون سبع طباق، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( طوقه يوم القيامة من سبع أراضين ) لأنها لو كانت الأقاليم أو القارات لكن الذي يملك قطعة من الأرض هنا لا يملكها في المكان آخر، لكن الذي يملك قطعة هنا له ما يملكه على سطح الأرض وله ما تحته إلى الأرض السابعة، ولهذا قال العلماء: " الهواء تابع للقرار والأسفل تابع للأعلى " مثلا أنا لي بيت مساحته عشرة أمتار في عشرة أمتار لي في الجو في السماء عشرة أمتار في عشرة أمتار ما أحد يقدر يطلع رف على ما يقابل أرضي ولو كان بعيدا جدا، وليس للطائرة أن تمر على أرضي، كذا ؟
الطالب: لا،
الشيخ : كيف لا، نعم لو شئنا لمعناها هذه أرضي لف يمين أو يسار، لأن الهواء تابع للقرار لكن مسألة الطائرة قد يقول قائل: إن العرف جرى أنها لا تمنع ولهذا تمر من عند البلد من فوق البيوت، وربما تزعج الناس بأصواتها ولا أحد يمنعها، ولو أن أحدا قال أمنعها من أن تمر من فوق بيتي لعد سفها فالعرف له أحكام، طيب. وقلنا: من ملك الأعلى ملك الأسفل فمثلا قعر الأرض لي أو ليس لي ؟ لي، ولهذا لو أراد الإنسان أن يفتح نفقا تحت أرضي فلي أن أمنعه ؟ نعم، لأن الأسفل تابع للأعلى، المهم على كل حال السماوات كم ؟ سبع والأراضون سبع.
(( له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي )) على خلقه (( العظيم )) الكبير، نعم هو العلي العظيم قرن الله بينهما في هذا وفي آية الكرسي، العلي وزنها الصرفي فعيل، وفعيل صفة مشبهة، والصفة المشبهة تقتضي وصف الموصوف بها دائما، أفهمتم الآن، إذن العلي وصف لازم لله عز وجل أزلا وأبدا لا يمكن أن يكون خلاف العلو أبدا، فالعلو إذن صفة ذاتية، من أين أخذت أنها صفة ذاتية ؟ فعيل صفة مشبهة والصفة المشبهة تقتضي الدوام والاستمرار واتصاف المتصف بها دائما، إذا العلو صفة ذاتية لله عز وجل لا يمكن بأي حال من الأحول أن يتصف بضدها.