التعليق على تفسير الجلالين : (( تكاد )) بالتاء والياء (( السموات يتفطرن )) بالنون ، وفي قراءة بالتاء والتشديد (( من فوقهن )) أي تنشق كل واحدة فوق التي تليها من عظمة الله تعالى (( والملائكة يسبحون بحمد ربهم )) أي ملابسين للحمد (( ويستغفرون لمن في الأرض )) من المؤمنين (( ألا إن الله هو الغفور )) لأوليائه (( الرحيم )) بهم . حفظ
الشيخ : (( تكاد السماوات ينفطرن منه )) قال : (( تكاد )) يقول الشارح أو المفسر : بالتاء والياء تكاد ويكاد، أما تكاد فمطابقتها لمرفوعها ظاهر لأن السماوات جمع، وكما قال الزمخشري : كل جمع مؤنث، إذا تكاد مطابقتها لمرفوعها ظاهرة، يكاد للمذكر والسماوات مؤنث، فما هو الجواب ؟ الجواب: الجمع المؤنث إذا كان مجازيا جاز تذكيره وتأنيثه أي تذكير فعله وتأنيثه، تقول : طلع الشمس وطلعت الشمس، يجوز هذا وهذا لأنه مجازي، أما إذا كان حقيقيا وهو الذي له فرج من بين آدم أو غيره فإنه يجب تأنيثه عامله فتقول : قامت امرأة وإلا قام امرأة ؟ قامت امرأة ولا غير، السماوات من المجازي أو الحقيقي ؟ المجازي، ولهذا جاء فيها قراءتان (( تكاد السماوات )) ومعنى تكاد تقرب فهي من أفعال المقاربة.
(( تكاد السماوات )) يعني السبع (( ينفطرن )) بالنون وفي قراءة بالتاء والتشديد، سبعية أو غير سبعية ؟ سبعية لأن قاعدة المفسر رحمه الله أنه إذا قال : في قراءة أو قال: بالتاء والياء أو قال: بالمد وحذفه أن القراءة سبعية، إذا لك أن تقرأ ينفطرن ويتفطرن والانفطار بمعنى الانشقاق، قال الله تعالى : (( إذا السماء انفطرت )) وقوله : (( من فوقهن ))لم يقل من أسفل لأن الله سبحانه وتعالى فوق، والسموات تكاد يتفطرن من فوقهن، قال الشارح رحمه الله : " أي تنشق كل واحدة فوق التي تليها من عظمة الله عز وجل " ولولا أن الله أمسكها لتفطرت كما أنه جل وعلا لما تجلى للجبل جعله دكا، فالسماوات على عظمها وقوتها وشدتها تكاد تنفطرن من عظمة الله جل وعلا سبحانه وبحمده.
قال : (( والملائكة يسبحون بحمد ربهم )) شف العظمة، عظمة تكاد السماوات تتفطرن منها، عظمة أخرى بجنوده جل وعلا الملائكة يسبحون بحمد ربهم، من الملائكة ؟ الملائكة نقول : إنهم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور وسخرهم لعبادته: (( يسبحون الليل والنهار لا يفطرون )) فهم عالم غيبي لا يشاهدون، وهم خلقوا من نور سخرهم الله لعبادته، يسبحون الليل والنهار لا يفطرون قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أطت السماء وحق لها أن تئط ما من موضع أربع أصابع منها إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ) أطت يعني صار لها صرير كصرير الرحل المحمل، لعلكم أدركتم الرحل المحمل ! الرحل على البعير إذا ثقل الحمل صار له صرير مع حركة السير، السماء لها هذا من كثيرة من عليها من الملائكة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : (حق لها أن تئط ) إذا الملائكة تفسيرهم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسخرهم لعبادته يسبحون الليل والنهار لا يفترون إذا أمرهم الله بشيء: (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون )) ضدهم الشياطين، الشياطين عالم غيبي خلقوا من نار، عصاة لله مستكبرون عن عبادته، وأبوهم الشيطان الأكبر إبليس فإذا قال قائل : أنتم قلتم إنهم عالم غيبي أليس إبليس قد شاهده النبي صلى الله عليه وسلم على خلقته وله ستمائة جناح قد سد الأفق ؟ فالجواب: بلى، لكن هذا لا ينافي أن يكونوا عالما غيبيا في الأصل، قد يظهرهم الله سبحانه وتعالى فيراهم الناس، وقد يتشكلون أيضا يكون الملك بصورة الآدمي كما جاء جبريل مرة بصورة رجل غريب لكنه لا يرى عليه أثر السفر، وجاء مرة بصورة دحية الكلبي، فهو قد يتشكلون بصورة الآدمي، هذا التشكل هل هو بإرادتهم أو من الله عز وجل ؟ السؤال عن هذا بدعة، يعني هل لنا مصلحة أن نعرف أن جبريل يحول نفسه إلى صورة آدمي أو أن الله يقلبه إلى صورة آدمي ؟ ما لنا مصلحة، لكن نعلم أنه لم يقع ذلك إلا بإرادة الله سواء كان بفعل اختياري من جبريل أو بفعل خلقي من الله عز وجل، نحن ليس لنا حق أن نسأل عن ذلك، كل أمور الغيب لا تسأل عنها، أجرها على ما جاءت، لأنه سبقك من هو أحرص منك على العلم، وأقوى منك إيمانا، وباشر من يستطيع الجواب والرد، وهم الصحابة ومع ذلك ما سئلوا، إذا لم يسعك ما وسع الصحابة فلا وسع الله عليك، ولهذا يجب أن نقول لبعض الشباب الآن الذين يبحدثون في أسماء الله وصفاته ويتعمقون يجب أن ننهاهم ونقول : اتقوا الله آمنوا بالقرآن والسنة على ما جاء في الكتاب والسنة ولا تبحثوا، سبقكم من هو خير منكم وأحرص على العلم ما سألوا، ثم هم إذا سألوا يسألون من ؟ الرسول الذي قد ينزل عليه الوحي ويخبره الله عز وجل بما سألوا عنه، أما تسأل إنسان يخطئ ويصيب وأنت وهو سواء في علم الغيب فهذا من الغلط والسفه ومن مخالفة جادة السلف، وما أحسن ما قال مالك رحمه الله للذي سأله عن كيفية الاستواء قال: " الاستواء معلوم والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدع " فنصيحتي لكم إذا أردتم السلامة أن تدعوا السؤال عن الأمور الغيبية، اتركوه، وإلا هذا يرجع للإنسان يعني قصدي هل الملك يستطيع أن ينقلب إلى صورة آدمي أو أن هذا بأمر الله عز وجل ؟ بمعنى أنه ما يستطيع لكن الله يقلبه، نقول يرد هذا السؤال ولكن ما هو الطريق السليم في الجواب عليه ؟ أن نقول : السؤال عن هذا بدعة في دين الله ما سأل عنه من هو خير منك دعه.
طيب الملائكة هل هم أجسام ؟ الجواب: نعم لا شك قال الله تعالى : (( جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع )) وأما من قال : إن الملائكة كناية عن قوى الخير والشياطين كناية عن قوى الشر فهذا يعني إنكار الملائكة والشياطين، بل نقول : الملائكة أجسام ذوو أجنحة، الشياطين أجسام تأكل وتشرب ؟ نعم تأكل وتشرب، قال الله تعالى : (( أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا )) أعاذنا الله وإياكم من الشيطان، المهم أننا نؤمن بأن الملائكة أجسام وأن الشياطين أجسام، لكن هل نعرف كيفيتهم ؟ لا نعرف إلا ما علمنا الله، ما علمنا الله نعرفه وما لا فلا نعرفه لأنهم عالم غيبي، قال : " (( والملائكة يسبحون بحمد ربهم )) أي ملابسين للحمد " أفادنا المؤلف بقوله : أي ملابسين للحمد أن الباء هنا للملابسة والمصاحبة، ومعنى يسبح أي ينزه، ومعنى بحمد أي تسبيحا مصبوبا بالحمد، لأن التسبيح تنزيه وتخلية، والحمد بالعكس إثبات، فيجتمع في هذا إذا قلت : سبحان الله وبحمده يجتمع في هذا تنزيه الله عن كل نقص وإثبات كل كمال له، من أين أخذنا إثبات الكمال ؟ من الحمد، والتنزيه من التسبيح، (( يسبحون بحمد ربهم )) ورب هنا بمعنى: خالق مالك مدبر، (( يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض )) المفعول محذوف للعلم به، من هو المستغفر ؟ الله، ويستغفرون الله، والاستغفار طلب المغفرة، لأن استفعل تأتي دائما وغالبا بمعنى الطلب، تقول: استسقى بمعنى طلب السقيا، استغفر بمعنى طلب المغفرة، استرحم بمعنى طلب الرحمة، وما أشبه ذلك، وقد تأتي لغير ذلك كما في قولك: استكبر، ما فيها طلب استكبار لكنه بلغ في الكبر غايته، طيب يستغفرون أي يطلبون المغفرة من الله، فما هي المغفرة ؟ المغفرة قالوا إنها مشتقة من المغفر، المغفر شيء يجعله المقاتل على رأسه يغطي الرأس ويقيه السهام، ففيه ستر ووقاية، فإذا قلت : أستغفر الله أو رب اغفر لي فأنت تطلب شيئين:
الشيء الأول الستر ،ستر عيوبك عن الناس، لو علم الناس ما عندك من الذنوب ما ردوا عليك السلام كما قال القحطاني رحمه الله : والله لو علموا خبيئ سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني
فأنت تسأل الله أن يستر عليك، الثاني تسأل الله الوقاية من الذنب، وقاية إيش ؟ العذاب، كل مذنب مستحق للعقاب، إذا لو قال الإنسان المغفرة: عدم المؤاخذة على الذنب، فيقال : هذا بعض معناها، معناها ستر الذنب وعدم المؤاخذة عليه، وقوله: (( لمن في الأرض )) من هنا اسم موصول يفيد العموم، فهل هو عام ؟ لا، هذا عام يراد به الخاص بدليل قوله تعالى في آية أخرى : (( يستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذي تابوا واتبعوا سبيلك )) إذا من هنا عام يراد به الخصوص، طيب لو قال قائل : إنه عام خصص قلنا لا، لأنه لم يرد للعموم من الأصل إنما أريد الخصوص، الذين آمنوا، (( يستغفرون لمن في الأرض )) ولهذا قال المؤلف : " من المؤمنين ".
(( ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) ألا أداة استفتاح يبتدئ بها الجملة، وتفيد شيئين: الأول: التنبيه، والثاني: التوكيد، وننظر إن الله: إن حرف توكيد، هو: ضمير فصل، وضمير الفصل يفيد التوكيد، وحينئذ يحق لنا أن نقول : إن هذه الجملة أكدت بثلاثة مؤكدات: ألا، وإن، وهو الذي هو ضمير الفصل (( ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) ولذلك طلبت الملائكة منه المغفرة لأنه سبحانه وتعالى أهل لذلك كما قال : (( هو أهل التقوى وأهل المغفرة )) (( ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) فبمغفرتي تزول المكروهات وبرحمتي تحصل المحبوبات، غفر الله لنا ولكم.
(( تكاد السماوات )) يعني السبع (( ينفطرن )) بالنون وفي قراءة بالتاء والتشديد، سبعية أو غير سبعية ؟ سبعية لأن قاعدة المفسر رحمه الله أنه إذا قال : في قراءة أو قال: بالتاء والياء أو قال: بالمد وحذفه أن القراءة سبعية، إذا لك أن تقرأ ينفطرن ويتفطرن والانفطار بمعنى الانشقاق، قال الله تعالى : (( إذا السماء انفطرت )) وقوله : (( من فوقهن ))لم يقل من أسفل لأن الله سبحانه وتعالى فوق، والسموات تكاد يتفطرن من فوقهن، قال الشارح رحمه الله : " أي تنشق كل واحدة فوق التي تليها من عظمة الله عز وجل " ولولا أن الله أمسكها لتفطرت كما أنه جل وعلا لما تجلى للجبل جعله دكا، فالسماوات على عظمها وقوتها وشدتها تكاد تنفطرن من عظمة الله جل وعلا سبحانه وبحمده.
قال : (( والملائكة يسبحون بحمد ربهم )) شف العظمة، عظمة تكاد السماوات تتفطرن منها، عظمة أخرى بجنوده جل وعلا الملائكة يسبحون بحمد ربهم، من الملائكة ؟ الملائكة نقول : إنهم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور وسخرهم لعبادته: (( يسبحون الليل والنهار لا يفطرون )) فهم عالم غيبي لا يشاهدون، وهم خلقوا من نور سخرهم الله لعبادته، يسبحون الليل والنهار لا يفطرون قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أطت السماء وحق لها أن تئط ما من موضع أربع أصابع منها إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ) أطت يعني صار لها صرير كصرير الرحل المحمل، لعلكم أدركتم الرحل المحمل ! الرحل على البعير إذا ثقل الحمل صار له صرير مع حركة السير، السماء لها هذا من كثيرة من عليها من الملائكة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : (حق لها أن تئط ) إذا الملائكة تفسيرهم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسخرهم لعبادته يسبحون الليل والنهار لا يفترون إذا أمرهم الله بشيء: (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون )) ضدهم الشياطين، الشياطين عالم غيبي خلقوا من نار، عصاة لله مستكبرون عن عبادته، وأبوهم الشيطان الأكبر إبليس فإذا قال قائل : أنتم قلتم إنهم عالم غيبي أليس إبليس قد شاهده النبي صلى الله عليه وسلم على خلقته وله ستمائة جناح قد سد الأفق ؟ فالجواب: بلى، لكن هذا لا ينافي أن يكونوا عالما غيبيا في الأصل، قد يظهرهم الله سبحانه وتعالى فيراهم الناس، وقد يتشكلون أيضا يكون الملك بصورة الآدمي كما جاء جبريل مرة بصورة رجل غريب لكنه لا يرى عليه أثر السفر، وجاء مرة بصورة دحية الكلبي، فهو قد يتشكلون بصورة الآدمي، هذا التشكل هل هو بإرادتهم أو من الله عز وجل ؟ السؤال عن هذا بدعة، يعني هل لنا مصلحة أن نعرف أن جبريل يحول نفسه إلى صورة آدمي أو أن الله يقلبه إلى صورة آدمي ؟ ما لنا مصلحة، لكن نعلم أنه لم يقع ذلك إلا بإرادة الله سواء كان بفعل اختياري من جبريل أو بفعل خلقي من الله عز وجل، نحن ليس لنا حق أن نسأل عن ذلك، كل أمور الغيب لا تسأل عنها، أجرها على ما جاءت، لأنه سبقك من هو أحرص منك على العلم، وأقوى منك إيمانا، وباشر من يستطيع الجواب والرد، وهم الصحابة ومع ذلك ما سئلوا، إذا لم يسعك ما وسع الصحابة فلا وسع الله عليك، ولهذا يجب أن نقول لبعض الشباب الآن الذين يبحدثون في أسماء الله وصفاته ويتعمقون يجب أن ننهاهم ونقول : اتقوا الله آمنوا بالقرآن والسنة على ما جاء في الكتاب والسنة ولا تبحثوا، سبقكم من هو خير منكم وأحرص على العلم ما سألوا، ثم هم إذا سألوا يسألون من ؟ الرسول الذي قد ينزل عليه الوحي ويخبره الله عز وجل بما سألوا عنه، أما تسأل إنسان يخطئ ويصيب وأنت وهو سواء في علم الغيب فهذا من الغلط والسفه ومن مخالفة جادة السلف، وما أحسن ما قال مالك رحمه الله للذي سأله عن كيفية الاستواء قال: " الاستواء معلوم والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدع " فنصيحتي لكم إذا أردتم السلامة أن تدعوا السؤال عن الأمور الغيبية، اتركوه، وإلا هذا يرجع للإنسان يعني قصدي هل الملك يستطيع أن ينقلب إلى صورة آدمي أو أن هذا بأمر الله عز وجل ؟ بمعنى أنه ما يستطيع لكن الله يقلبه، نقول يرد هذا السؤال ولكن ما هو الطريق السليم في الجواب عليه ؟ أن نقول : السؤال عن هذا بدعة في دين الله ما سأل عنه من هو خير منك دعه.
طيب الملائكة هل هم أجسام ؟ الجواب: نعم لا شك قال الله تعالى : (( جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع )) وأما من قال : إن الملائكة كناية عن قوى الخير والشياطين كناية عن قوى الشر فهذا يعني إنكار الملائكة والشياطين، بل نقول : الملائكة أجسام ذوو أجنحة، الشياطين أجسام تأكل وتشرب ؟ نعم تأكل وتشرب، قال الله تعالى : (( أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا )) أعاذنا الله وإياكم من الشيطان، المهم أننا نؤمن بأن الملائكة أجسام وأن الشياطين أجسام، لكن هل نعرف كيفيتهم ؟ لا نعرف إلا ما علمنا الله، ما علمنا الله نعرفه وما لا فلا نعرفه لأنهم عالم غيبي، قال : " (( والملائكة يسبحون بحمد ربهم )) أي ملابسين للحمد " أفادنا المؤلف بقوله : أي ملابسين للحمد أن الباء هنا للملابسة والمصاحبة، ومعنى يسبح أي ينزه، ومعنى بحمد أي تسبيحا مصبوبا بالحمد، لأن التسبيح تنزيه وتخلية، والحمد بالعكس إثبات، فيجتمع في هذا إذا قلت : سبحان الله وبحمده يجتمع في هذا تنزيه الله عن كل نقص وإثبات كل كمال له، من أين أخذنا إثبات الكمال ؟ من الحمد، والتنزيه من التسبيح، (( يسبحون بحمد ربهم )) ورب هنا بمعنى: خالق مالك مدبر، (( يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض )) المفعول محذوف للعلم به، من هو المستغفر ؟ الله، ويستغفرون الله، والاستغفار طلب المغفرة، لأن استفعل تأتي دائما وغالبا بمعنى الطلب، تقول: استسقى بمعنى طلب السقيا، استغفر بمعنى طلب المغفرة، استرحم بمعنى طلب الرحمة، وما أشبه ذلك، وقد تأتي لغير ذلك كما في قولك: استكبر، ما فيها طلب استكبار لكنه بلغ في الكبر غايته، طيب يستغفرون أي يطلبون المغفرة من الله، فما هي المغفرة ؟ المغفرة قالوا إنها مشتقة من المغفر، المغفر شيء يجعله المقاتل على رأسه يغطي الرأس ويقيه السهام، ففيه ستر ووقاية، فإذا قلت : أستغفر الله أو رب اغفر لي فأنت تطلب شيئين:
الشيء الأول الستر ،ستر عيوبك عن الناس، لو علم الناس ما عندك من الذنوب ما ردوا عليك السلام كما قال القحطاني رحمه الله : والله لو علموا خبيئ سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني
فأنت تسأل الله أن يستر عليك، الثاني تسأل الله الوقاية من الذنب، وقاية إيش ؟ العذاب، كل مذنب مستحق للعقاب، إذا لو قال الإنسان المغفرة: عدم المؤاخذة على الذنب، فيقال : هذا بعض معناها، معناها ستر الذنب وعدم المؤاخذة عليه، وقوله: (( لمن في الأرض )) من هنا اسم موصول يفيد العموم، فهل هو عام ؟ لا، هذا عام يراد به الخاص بدليل قوله تعالى في آية أخرى : (( يستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذي تابوا واتبعوا سبيلك )) إذا من هنا عام يراد به الخصوص، طيب لو قال قائل : إنه عام خصص قلنا لا، لأنه لم يرد للعموم من الأصل إنما أريد الخصوص، الذين آمنوا، (( يستغفرون لمن في الأرض )) ولهذا قال المؤلف : " من المؤمنين ".
(( ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) ألا أداة استفتاح يبتدئ بها الجملة، وتفيد شيئين: الأول: التنبيه، والثاني: التوكيد، وننظر إن الله: إن حرف توكيد، هو: ضمير فصل، وضمير الفصل يفيد التوكيد، وحينئذ يحق لنا أن نقول : إن هذه الجملة أكدت بثلاثة مؤكدات: ألا، وإن، وهو الذي هو ضمير الفصل (( ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) ولذلك طلبت الملائكة منه المغفرة لأنه سبحانه وتعالى أهل لذلك كما قال : (( هو أهل التقوى وأهل المغفرة )) (( ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) فبمغفرتي تزول المكروهات وبرحمتي تحصل المحبوبات، غفر الله لنا ولكم.