التعليق على تفسير الجلالين : (( وكذلك )) مثل ذلك الإيحاء (( أوحينا إليك قرءانا عربيا لتنذر )) تخوف (( أم القرى ومن حولها )) أي أهل مكة وسائر الناس (( وتنذر )) الناس (( يوم الجمع )) أي يوم القيامة تجمع فيه الخلائق (( لا ريب )) شك (( فيه فريق )) منهم (( في الجنة وفريق في السعير )) النار . حفظ
الشيخ : وكذلك أوحينا إليك كذلك الكاف هنا اسم بمعنى مثل وهي منصوبة على المفعولية المطلقة ولهذا قدرها المؤلف بقوله : " مثل ذلك الإيحاء "، الأول قال : (( كذلك يوحي إليك )) ولم يبين الموحى هنا قال: (( وكذلك أوحينا إليك قرآنا )) فبين الموحى، فكان الآن هنا تفصيل بعد إجمال، أين الإجمال ؟ (( يوحي إليك )) لأنه لم يبين الموحى، وهنا أوحينا إليك قرآنا فهو تفصيل بعد إجمال، ولا يخفى علينا أن التفصيل بعد الإجمال من أساليب اللغة البلاغية العظيمة، لأن الشيء إذا أجمل بقيت النفس متطلعة متشوفة متشوقة إلى تفصيله، فإذا جاء مفصلا ورد كالماء على أرض يابسة، الماء على أرض يابسة أيش يعمل ؟ تشربه على طول، فكذلك إذا ورد التفصيل بعد الإجمال فإنه يرد على قلب متطلع تماما إلى التفصيل.
(( وكذلك )) أي مثل هذا الإيحاء (( أوحينا إليك )) والخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام عن طريق من؟ عن طريق جبريل قال الله تعالى : (( نزل به الروح الأمين على قلبك )) (( أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر )) قرآنا: بمعنى مقروء أو بمعنى قارئ، أما هو فهو مصدر، قرآن: مصدر قرأ، كغفران مصدر غفر، شكران مصدر شكر، إذا قرآن مصدر لكن هل هو بمعنى اسم الفاعل أو هو بمعنى اسم المفعول أو هو بمعناهما جميعا، لنا قاعدة سبقت أن الآية أو الحديث أيضا إذا احتمل معنيين على السواء ولا منافاة بينهما وجب أن يحمل عليهما جميعا، إذا قرآن بمعنى قارئ وقرآن بمعنى مقروء، كيف يكون القرآن بمعنى قارئ ؟ قاري بمعنى جامع ومنه سميت القرية لأنها تجمع الناس فيكون قرآن يعني قارئ، ولا شك أن القرآن جامع لعلوم الأولين والآخرين ولكل علم نافع وعمل صالح، وقوله: (( عربيا )) أي بلسان العرب، والعروبة هنا هل هي عروبة النسب أو عروبة اللسان ؟.