فائدة في حكم التحاكم إلى القوانين الوضعية وحكم واضعها . حفظ
ويستفاد من هذه الآية : أنه لا مرجع للقوانين، وأن القوانين المخالفة لحكم الله باطلة، وهو كذلك لأن القانون من وضع البشر، وليس عندهم إحاطة علم لا في الحاضر ولا في المستقبل، فهم لم يحيطوا بالدنيا علما، غاية ما هناك أن هذا الذي وضع المادة القانونية يعرف ظواهر شعبه فقط، وهل يعرف كل الناس وأن هذا الحكم مناسب لهم ؟ لا، هذا قصور .
ثانيا : أنه لو علم أحوال الناس من حيث العموم هل يمكن أن يعلم حال كل أحد لأن الناس يختلفون حتى في الحكم الواحد، أرأيت غني وفقير الغني عليه زكاة والفقير ليس عليه زكاة، الفقير يجوز دفع الزكاة له والغني لا يجوز له، العاجز والقادر، القادر يصلي قائما والعاجز يصلي قاعدا، هل هذا الذي وضع القانون يعرف أحوال الناس بحيث يكون القانون صالحا لكل حال من أحوال الناس ؟ لا، فهذا نقص آخر .
ثالثا : واضعو القانون هل يدرك أحوال الناس في المستقبل أو لا ؟ لا يدرك، ومعلوم أن الأحكام تختلف باختلاف الأحوال، ولهذا نجد أن الشريعة الإسلامية تختلف عن الشريعة النصرانية، والشريعة النصرانية تختلف عن الشريعة اليهودية، فها هو عيسى يقول : (( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم )) والدين الإسلامي أيضا جاء مغايرا في كثير من الأشياء الفرعية لما سبقه من الأديان قال الله تعالى : (( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )) إذا القانون قاصر من كل وجه، إذا كان قاصرا من كل وجه فهل يمكن أن يكون هذا الشيء القاصر مردا في النزاع ؟ لا يمكن.
بقينا من رجع إلى القانون فهل يكون كافرا ؟ يحتاج إلى تفصيل، إذا لم يجد الإنسان طريقا إلى أخذ حقه إلا عن طريق القانون فليس هذا بكفر، بل ولا محرم، فلو كنت في بلد تحكم بالقانون ولك خصومة مع شخص ولا يمكن أن تلجأ إلى حكم شرعي، فلا حرج أن تتحاكم إلى القانون، وإذا حكم لك فهذا يعني أنه كالشرطة، ولو أننا قلنا بهذا لضاعت حقوق الناس، وقد أشار إلى هذا المعنى المحقق ابن القيم رحمه الله في كتاب الطرق الحكمية، لكن إذا تحاكمت إلى القانون وأنت تعلم أنه يحكم بالظلم، فهل يجوز أن تتحاكم إليه أو لا ؟ لا يجوز، ما فيه إشكال، لأن بعض الناس قد يكون من حيث الحكم الشرعي لا يستحق هذا الشيء، لكن باعتبار القانون يستحقه فقال : أحاكمه لآخذ حقي بمقتضى القانون، ماذا نقول ؟ نقول : هذا حرام ولا يجوز، مثال ذلك: ما يسمونه بالفوائد البنكية، الفوائد البنكية في الحكم الشرعي حرام، طيب هذا الرجل يعرف أنها حرام في الشرع لكن قال : أريد أن أتحاكم إلى القانون لأن القانون سوف يمكنني منها، لا يجوز، لأن هذا أكل للمال بالباطل، إذا التحاكم إلى الطاغوت وهو ما خالف الحكم الشرعي إن كان لاستخراج الحق لا لاعتقاد أن ما حكم به هو الحق ـ انتبه للفرق ـ لاستخراج الحق لا لاعتقاد أن ما حكم به حق، أجيبوا، فهذا جائز وكأنك جعلتهم شرطة يستخرجون حقك من هذا الذي ظلمك، وإن كان لاعتقاد أن ما جاء في القانون حق مع مخالفته للشرع فهذا حرام، هذا في التحاكم إلى القانون.
بقينا في وضع القانون، واضع القانون إما أن يعلم أنه مخالف للشرع لكنه يعتقد أنه أنفع للخلق من شرع رب الخلق، فهذا كافر لا شك، كافر كفرا مخرجا عن الملة، لأنه مكذب لقول الله تعالى : (( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) ومكذب لقوله تعالى : (( أليس الله بأحكم الحاكمين )) لأنه وضع الآن كتابا بدلا عن كتاب الله، وهذا واضح أنه كافر، أبدل دين الله بغيره، أبدل حكم الله بغيره، فهذا كافر، أما إذا كان لا يدري أنه مخالف للشرع، وإنما صنع ذلك بتأويل إن كان من أهل الاجتهاد أو بتضليل إن كان من غير أهل الاجتهاد فهذا لا يكفر، مثل أن يعتقد أن مسألة العينة جائزة ويضعها قانونا، ومسألة العينة معروفة عندكم: أن يبيع شيئا بثمن مؤجل ويشتريه نقدا بأقل فيقول مثلا: مادة كذا: إذا باع شيئا بثمن مؤجل واشتراه بأقل فالعقد صحيح، هذه المادة تخالف الشرع، لكن هو لا يدري أنها تخالف الشرع، أو تأول أنها جائزة بناء على صورة المعاملة، فهذا لا يكفر، وقد يكون وضع القانون المخالف للشرع عن تضليل لا عن تأويل، بحيث يكون الحاكم جاهلا أميا لكن ضلله بعض علماء الدولة، قال : هذا لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) ونحن نعلم أن هذا خير لنا في الدنيا بناء على ظنه، فهذا لا يكفر، فصار الآن الذي يضع قانونا مخالفا للشرع معتقدا أنه أولى من الشرع وأنفع للخلق فهذا كافر لا نشك في هذا، لكن بشرطين: أن يعلم أنه مخالف للشرع، يعتقد أنه أنفع للخلق أو مثل الشرع، حتى الذي يعتقد المماثلة فهو كافر لأن الله يقول : (( ومن أحسن من الله حكما )) ويقول : (( أليس الله بأحكم الحاكمين )).
أما من وضعه مخالفا للشرع بتأويل أو تضليل فإنه لا يكفر لأن هذا في نظره لم يخالف للشرع فلا يكفر بهذا، الخلاصة الآن: عندما يختلف الناس في شيء فإلى من يرجعون ؟ إلى الله: (( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله )) فإذا قال قائل : من أين نعلم حكم الله ؟ قلنا: من القرآن والسنة، يفسر هذا قوله تعالى : (( فإن تنازعتم فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ))[النساء:59].
ثانيا : أنه لو علم أحوال الناس من حيث العموم هل يمكن أن يعلم حال كل أحد لأن الناس يختلفون حتى في الحكم الواحد، أرأيت غني وفقير الغني عليه زكاة والفقير ليس عليه زكاة، الفقير يجوز دفع الزكاة له والغني لا يجوز له، العاجز والقادر، القادر يصلي قائما والعاجز يصلي قاعدا، هل هذا الذي وضع القانون يعرف أحوال الناس بحيث يكون القانون صالحا لكل حال من أحوال الناس ؟ لا، فهذا نقص آخر .
ثالثا : واضعو القانون هل يدرك أحوال الناس في المستقبل أو لا ؟ لا يدرك، ومعلوم أن الأحكام تختلف باختلاف الأحوال، ولهذا نجد أن الشريعة الإسلامية تختلف عن الشريعة النصرانية، والشريعة النصرانية تختلف عن الشريعة اليهودية، فها هو عيسى يقول : (( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم )) والدين الإسلامي أيضا جاء مغايرا في كثير من الأشياء الفرعية لما سبقه من الأديان قال الله تعالى : (( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )) إذا القانون قاصر من كل وجه، إذا كان قاصرا من كل وجه فهل يمكن أن يكون هذا الشيء القاصر مردا في النزاع ؟ لا يمكن.
بقينا من رجع إلى القانون فهل يكون كافرا ؟ يحتاج إلى تفصيل، إذا لم يجد الإنسان طريقا إلى أخذ حقه إلا عن طريق القانون فليس هذا بكفر، بل ولا محرم، فلو كنت في بلد تحكم بالقانون ولك خصومة مع شخص ولا يمكن أن تلجأ إلى حكم شرعي، فلا حرج أن تتحاكم إلى القانون، وإذا حكم لك فهذا يعني أنه كالشرطة، ولو أننا قلنا بهذا لضاعت حقوق الناس، وقد أشار إلى هذا المعنى المحقق ابن القيم رحمه الله في كتاب الطرق الحكمية، لكن إذا تحاكمت إلى القانون وأنت تعلم أنه يحكم بالظلم، فهل يجوز أن تتحاكم إليه أو لا ؟ لا يجوز، ما فيه إشكال، لأن بعض الناس قد يكون من حيث الحكم الشرعي لا يستحق هذا الشيء، لكن باعتبار القانون يستحقه فقال : أحاكمه لآخذ حقي بمقتضى القانون، ماذا نقول ؟ نقول : هذا حرام ولا يجوز، مثال ذلك: ما يسمونه بالفوائد البنكية، الفوائد البنكية في الحكم الشرعي حرام، طيب هذا الرجل يعرف أنها حرام في الشرع لكن قال : أريد أن أتحاكم إلى القانون لأن القانون سوف يمكنني منها، لا يجوز، لأن هذا أكل للمال بالباطل، إذا التحاكم إلى الطاغوت وهو ما خالف الحكم الشرعي إن كان لاستخراج الحق لا لاعتقاد أن ما حكم به هو الحق ـ انتبه للفرق ـ لاستخراج الحق لا لاعتقاد أن ما حكم به حق، أجيبوا، فهذا جائز وكأنك جعلتهم شرطة يستخرجون حقك من هذا الذي ظلمك، وإن كان لاعتقاد أن ما جاء في القانون حق مع مخالفته للشرع فهذا حرام، هذا في التحاكم إلى القانون.
بقينا في وضع القانون، واضع القانون إما أن يعلم أنه مخالف للشرع لكنه يعتقد أنه أنفع للخلق من شرع رب الخلق، فهذا كافر لا شك، كافر كفرا مخرجا عن الملة، لأنه مكذب لقول الله تعالى : (( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) ومكذب لقوله تعالى : (( أليس الله بأحكم الحاكمين )) لأنه وضع الآن كتابا بدلا عن كتاب الله، وهذا واضح أنه كافر، أبدل دين الله بغيره، أبدل حكم الله بغيره، فهذا كافر، أما إذا كان لا يدري أنه مخالف للشرع، وإنما صنع ذلك بتأويل إن كان من أهل الاجتهاد أو بتضليل إن كان من غير أهل الاجتهاد فهذا لا يكفر، مثل أن يعتقد أن مسألة العينة جائزة ويضعها قانونا، ومسألة العينة معروفة عندكم: أن يبيع شيئا بثمن مؤجل ويشتريه نقدا بأقل فيقول مثلا: مادة كذا: إذا باع شيئا بثمن مؤجل واشتراه بأقل فالعقد صحيح، هذه المادة تخالف الشرع، لكن هو لا يدري أنها تخالف الشرع، أو تأول أنها جائزة بناء على صورة المعاملة، فهذا لا يكفر، وقد يكون وضع القانون المخالف للشرع عن تضليل لا عن تأويل، بحيث يكون الحاكم جاهلا أميا لكن ضلله بعض علماء الدولة، قال : هذا لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) ونحن نعلم أن هذا خير لنا في الدنيا بناء على ظنه، فهذا لا يكفر، فصار الآن الذي يضع قانونا مخالفا للشرع معتقدا أنه أولى من الشرع وأنفع للخلق فهذا كافر لا نشك في هذا، لكن بشرطين: أن يعلم أنه مخالف للشرع، يعتقد أنه أنفع للخلق أو مثل الشرع، حتى الذي يعتقد المماثلة فهو كافر لأن الله يقول : (( ومن أحسن من الله حكما )) ويقول : (( أليس الله بأحكم الحاكمين )).
أما من وضعه مخالفا للشرع بتأويل أو تضليل فإنه لا يكفر لأن هذا في نظره لم يخالف للشرع فلا يكفر بهذا، الخلاصة الآن: عندما يختلف الناس في شيء فإلى من يرجعون ؟ إلى الله: (( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله )) فإذا قال قائل : من أين نعلم حكم الله ؟ قلنا: من القرآن والسنة، يفسر هذا قوله تعالى : (( فإن تنازعتم فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ))[النساء:59].