فوائد قوله تعالى : (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم )) . حفظ
في هذه الآية فوائد منها: أن من أطاع الزعماء والكبار في تحريم شيء أحله الله أو تحليل شيء حرمه الله أو إيجاب شيء لم يوجبه الله فإنه قد اتخذهم شركاء، ويترتب على هذه الفائدة أن متبعي دعاة البدع قد اتخذوهم شركاء .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن الأمور المشروعة لابد أن يكون فيها إذن من الله، يعني التي يفعلها الإنسان تدينا لابد أن يكون فيها إذن من الله عز وجل، لأن الله تعالى أنكر على هؤلاء الذين اتخذوا شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، وهذا بمعنى قولنا : " الأصل في العبادات الحضر والمنع إلا إذا قام دليل على مشروعيته " وعليه فلو رأينا شخصا يتعبد بعبادة لم نكن نعرفها فلنا أن ننكر عليه حتى يأتي بدليل لأن الدين متلقى من عند الله عز وجل .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن ما سوى الأمور الدينية فإنه خاضع للأمور أو للأحوال العادية لقوله : (( شرعوا لهم من الدين )) وعلى هذا لو شرعوا قوانين ونظما لا علاقة لها في الدين فإن ذلك جائز ولا تعد موافقة هذه النظم شركا، فكيف إذا كانت هذه النظم تؤيد بالقواعد العامة وهي جلب المصالح ودفع المفاسد ؟
ومن فوائد هذه الآية : الرد على أولئك القوم الجهلة الذين ينكرون كل نظام تسنه الحكومات بقطع النظر عن كونه أمرا دينيا أو أمرا دنيويا، وبقطع النظر عن كونه موافقا للشرع أم غير موافقا للشرع، لأن بعض الناس مثلا يقول : أنا لا أتقيد بأنظمة المرور لأنه ما فيه دليل، وربما يقول هذه بدعة فيقال له :
أولا : الأمور الدنيوية الأصل فيها الحل، ولا يبدع من أتى بها خارجا عن العادة لكن ينظر هل هي حلال أو حرام .
ثانيا : أن النصوص تدل على وجوب طاعة ولاة الأمر كقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأمير : ( اسمع وأطع ولو أخذ مالك وضرب ظهرك ) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: حكمة الله عز وجل بتعجيل أو تأخير العذاب بقوله : (( ولولا كلمة سبقت من ربك )) .
ومن فوائدها : أن ما قضاه الله أزلا ـ يعني في الماضي ـ لا يتغير لقوله: (( لولا كلمة الفصل لقضي بينهم )).
فإن قال قائل ما تقولون في قوله تعالى : (( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )) ؟ هل يعارض ما قررناه من فوائد هذه الآية ؟ فالجواب: لا، لا يعارض، لأن الله قال: (( يمحوا الله ما يشاء ويثبت )) ثم قال : (( وعنده أم الكتاب )) يعني أصله، فما في أم الكتاب لا يتغير، وما لم يكن كذلك فإنه يتغير، أليس الله تعالى يقول : (( إن الحسنات يذهبن السيئات )) فالسيئات بعد أن كتبت أتت الحسنات فمحتها، الإنسان يذنب فيكتب الذنب ثم يستغفر، نعم ؟ فيمحى الذنب، وأما ما في أصل الكتاب فإنه لا يتغير، وعلى هذا فلا يعارض هذه الآية وهي قوله : (( ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم )).
فإن قال قائل : ما تقولون في الحديث الصحيح: ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) ؟ فإن هذا يدل على أن صلة الرحم سبب لكثرة الرزق وسبب لطول العمر، وأنتم تقولون : إن العمر مكتوب والرزق مكتوب، فالجواب: الرزق مكتوب على هذا السبب، والأجل مكتوب على هذا السبب، فيكون الله تعالى قد كتب أجل هذا مؤخرا لصلة الرحم، ووسع في رزق هذا لصلة الرحم، ويكون هذا معلوما عند الله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا ترغيبا في صلة الرحم لأن الإنسان لا يعلم ما كتب له في المستقبل، وحينئذ لا منافاة.
وأما من قال من العلماء : أن المراد في قوله ( ينسأ له في أثره ) أن الله يبارك له في العمر فهذا غير صحيح لأنه خلاف ظاهر الحديث، فظاهر الحديث أنه يؤخر لكن يكون مكتوبا عند الله أنه واصل وأن عمره إلى كذا، لكن هل الإنسان يعلم بأنه مكتوب عند الله هكذا ؟ لا يعلم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحث الإنسان على صلة الرحم بمثل هذا الوعد .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : إثبات الأسباب لقوله : (( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم )) فالكلمة سبب لتأخير العذاب، وإثبات الأسباب أمر لا ينكره إلا الجاحد.
واعلم أن الناس انقسموا في الأسباب إلى ثلاثة أقسام : قسم أنكروا الأسباب نهائيا وقالوا : لا تأثير للسبب في المسبب، وقسم : أثبتوا الأسباب على وجه الغلو وزعموا أنها ـ أي الأسباب ـ موجبة ولابد، والقسم الثالث : أثبتوا الأسباب ولكنهم جعلوا ذلك تابعا لمشيئة الله عز وجل.
فالأقسام ثلاثة: قوم أنكروا تأثير الأسباب، وقوم غلا في إثباتها وجعلها موجبة لذاتها ولابد، والثالث: قوم توسطوا قالوا: لكنها تحت مشيئة الله، هذا القول هو المتعين أننا لا ننكر الأسباب وكيف ننكرها ونحن نشاهد هذا بأعيننا، هم يقولون : إن ما يحصل بالسبب ليس حاصلا به لكنه حاصل عنده، فمثلا إذا رميت بحجر على زجاجة ثم انكسرت يقولون : إن الذي كسرها ليس الحجر لكن كسرتها إرادة الله عند ملامسة الحجر. إذن حصلت عند السبب لا بالسبب، عندما تدخل ورقة في النار تحترق يقولون: النار ما أحرقتها، أحقتها إرادة الله عند ملامسة النار، هذا كلام غير معقول يضحك منه السفهاء قبل الحلماء، كيف نقول ونحن نشاهد أن الحجر يقع على الزجاجة يكسرها، كيف نقول لم يكسرها ؟ الإنسان لو اتكأ على الزجاجة لقال له من عنده: لا تتكئ فتنكسر.
وأما القول الثاني: الغالي في إثبات الأسباب والذين يقولون : إن الأسباب فاعلة ولا بد أو موجبة ولا بد، هؤلاء أيضا ضالون، فها هي النار العظيمة كانت على إبراهيم بردا وسلاما، ولو كان السبب موجب بذاته ولابد لأحرقت إبراهيم على كل حال، لكن الله قال: (( كوني بردا وسلاما على إبراهيم )) فكانت بردا وكانت سلاما، قال العلماء: " لو قال الله تعالى كوني بردا ولم يقل وسلاما لأهلكت إبراهيم من البرد " لكن الله قرن البرد بالسلام، طيب إذا الآية التي معنا فيها إثبات الأسباب لقوله : (( ولولا كلمة سبقت لقضي )) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : الوعيد الشديد للظالمين لقوله : (( لهم عذاب أليم )).
ومن فوائدها اللغوية: أن أليم تأتي بمعنى مؤلم، يعني فعيل بمعنى مفعل، وهذا قليل في اللغة العربية، أكثر ما يأتي أليم في اللغة العربية بمعنى آلم، أي بمعنى فاعل هذا هو الأكثر، لكن قد يأتي فعيل بمعنى مفعل كما في هذه الآية، وكما في قول الشاعر :
" أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع "
أمن ريحانة الداعي السميع، السميع: بمعنى المسمع، يقولها في معشوقته، الداعي المسمع يؤرقني وأصحابي هجوع.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن الأمور المشروعة لابد أن يكون فيها إذن من الله، يعني التي يفعلها الإنسان تدينا لابد أن يكون فيها إذن من الله عز وجل، لأن الله تعالى أنكر على هؤلاء الذين اتخذوا شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، وهذا بمعنى قولنا : " الأصل في العبادات الحضر والمنع إلا إذا قام دليل على مشروعيته " وعليه فلو رأينا شخصا يتعبد بعبادة لم نكن نعرفها فلنا أن ننكر عليه حتى يأتي بدليل لأن الدين متلقى من عند الله عز وجل .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن ما سوى الأمور الدينية فإنه خاضع للأمور أو للأحوال العادية لقوله : (( شرعوا لهم من الدين )) وعلى هذا لو شرعوا قوانين ونظما لا علاقة لها في الدين فإن ذلك جائز ولا تعد موافقة هذه النظم شركا، فكيف إذا كانت هذه النظم تؤيد بالقواعد العامة وهي جلب المصالح ودفع المفاسد ؟
ومن فوائد هذه الآية : الرد على أولئك القوم الجهلة الذين ينكرون كل نظام تسنه الحكومات بقطع النظر عن كونه أمرا دينيا أو أمرا دنيويا، وبقطع النظر عن كونه موافقا للشرع أم غير موافقا للشرع، لأن بعض الناس مثلا يقول : أنا لا أتقيد بأنظمة المرور لأنه ما فيه دليل، وربما يقول هذه بدعة فيقال له :
أولا : الأمور الدنيوية الأصل فيها الحل، ولا يبدع من أتى بها خارجا عن العادة لكن ينظر هل هي حلال أو حرام .
ثانيا : أن النصوص تدل على وجوب طاعة ولاة الأمر كقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأمير : ( اسمع وأطع ولو أخذ مالك وضرب ظهرك ) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: حكمة الله عز وجل بتعجيل أو تأخير العذاب بقوله : (( ولولا كلمة سبقت من ربك )) .
ومن فوائدها : أن ما قضاه الله أزلا ـ يعني في الماضي ـ لا يتغير لقوله: (( لولا كلمة الفصل لقضي بينهم )).
فإن قال قائل ما تقولون في قوله تعالى : (( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )) ؟ هل يعارض ما قررناه من فوائد هذه الآية ؟ فالجواب: لا، لا يعارض، لأن الله قال: (( يمحوا الله ما يشاء ويثبت )) ثم قال : (( وعنده أم الكتاب )) يعني أصله، فما في أم الكتاب لا يتغير، وما لم يكن كذلك فإنه يتغير، أليس الله تعالى يقول : (( إن الحسنات يذهبن السيئات )) فالسيئات بعد أن كتبت أتت الحسنات فمحتها، الإنسان يذنب فيكتب الذنب ثم يستغفر، نعم ؟ فيمحى الذنب، وأما ما في أصل الكتاب فإنه لا يتغير، وعلى هذا فلا يعارض هذه الآية وهي قوله : (( ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم )).
فإن قال قائل : ما تقولون في الحديث الصحيح: ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) ؟ فإن هذا يدل على أن صلة الرحم سبب لكثرة الرزق وسبب لطول العمر، وأنتم تقولون : إن العمر مكتوب والرزق مكتوب، فالجواب: الرزق مكتوب على هذا السبب، والأجل مكتوب على هذا السبب، فيكون الله تعالى قد كتب أجل هذا مؤخرا لصلة الرحم، ووسع في رزق هذا لصلة الرحم، ويكون هذا معلوما عند الله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا ترغيبا في صلة الرحم لأن الإنسان لا يعلم ما كتب له في المستقبل، وحينئذ لا منافاة.
وأما من قال من العلماء : أن المراد في قوله ( ينسأ له في أثره ) أن الله يبارك له في العمر فهذا غير صحيح لأنه خلاف ظاهر الحديث، فظاهر الحديث أنه يؤخر لكن يكون مكتوبا عند الله أنه واصل وأن عمره إلى كذا، لكن هل الإنسان يعلم بأنه مكتوب عند الله هكذا ؟ لا يعلم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحث الإنسان على صلة الرحم بمثل هذا الوعد .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : إثبات الأسباب لقوله : (( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم )) فالكلمة سبب لتأخير العذاب، وإثبات الأسباب أمر لا ينكره إلا الجاحد.
واعلم أن الناس انقسموا في الأسباب إلى ثلاثة أقسام : قسم أنكروا الأسباب نهائيا وقالوا : لا تأثير للسبب في المسبب، وقسم : أثبتوا الأسباب على وجه الغلو وزعموا أنها ـ أي الأسباب ـ موجبة ولابد، والقسم الثالث : أثبتوا الأسباب ولكنهم جعلوا ذلك تابعا لمشيئة الله عز وجل.
فالأقسام ثلاثة: قوم أنكروا تأثير الأسباب، وقوم غلا في إثباتها وجعلها موجبة لذاتها ولابد، والثالث: قوم توسطوا قالوا: لكنها تحت مشيئة الله، هذا القول هو المتعين أننا لا ننكر الأسباب وكيف ننكرها ونحن نشاهد هذا بأعيننا، هم يقولون : إن ما يحصل بالسبب ليس حاصلا به لكنه حاصل عنده، فمثلا إذا رميت بحجر على زجاجة ثم انكسرت يقولون : إن الذي كسرها ليس الحجر لكن كسرتها إرادة الله عند ملامسة الحجر. إذن حصلت عند السبب لا بالسبب، عندما تدخل ورقة في النار تحترق يقولون: النار ما أحرقتها، أحقتها إرادة الله عند ملامسة النار، هذا كلام غير معقول يضحك منه السفهاء قبل الحلماء، كيف نقول ونحن نشاهد أن الحجر يقع على الزجاجة يكسرها، كيف نقول لم يكسرها ؟ الإنسان لو اتكأ على الزجاجة لقال له من عنده: لا تتكئ فتنكسر.
وأما القول الثاني: الغالي في إثبات الأسباب والذين يقولون : إن الأسباب فاعلة ولا بد أو موجبة ولا بد، هؤلاء أيضا ضالون، فها هي النار العظيمة كانت على إبراهيم بردا وسلاما، ولو كان السبب موجب بذاته ولابد لأحرقت إبراهيم على كل حال، لكن الله قال: (( كوني بردا وسلاما على إبراهيم )) فكانت بردا وكانت سلاما، قال العلماء: " لو قال الله تعالى كوني بردا ولم يقل وسلاما لأهلكت إبراهيم من البرد " لكن الله قرن البرد بالسلام، طيب إذا الآية التي معنا فيها إثبات الأسباب لقوله : (( ولولا كلمة سبقت لقضي )) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : الوعيد الشديد للظالمين لقوله : (( لهم عذاب أليم )).
ومن فوائدها اللغوية: أن أليم تأتي بمعنى مؤلم، يعني فعيل بمعنى مفعل، وهذا قليل في اللغة العربية، أكثر ما يأتي أليم في اللغة العربية بمعنى آلم، أي بمعنى فاعل هذا هو الأكثر، لكن قد يأتي فعيل بمعنى مفعل كما في هذه الآية، وكما في قول الشاعر :
" أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع "
أمن ريحانة الداعي السميع، السميع: بمعنى المسمع، يقولها في معشوقته، الداعي المسمع يؤرقني وأصحابي هجوع.