فوائد قوله تعالى : (( أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير * ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص )) . حفظ
في هذه الآية الكريمة فوائد منها : التهديد بإغراق السفن لقوله : (( أو يوبقهن )) وقد علمتم قبل قليل أن الرياح بالنسبة للسفن تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ريح مناسبة طيبة، وريح عاصفة مدمرة مغرقة، وريح ساكنة تبقى السفينة راكدة على ظهر الماء.
فمن فوائدها : التهديد بإغراق السفن بالمعاصي .
ومن فوائد الآية : التحذير من المعاصي وأنها سبب للعقوبات لقوله : (( بما كسبوا )).
ومن فوائد الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى يعفوا عن كثير من السيئات فلا يعاقب عليها لقوله : (( ويعفوا عن كثير ))يعني حتى مع إغراق السفن يعفوا الله تبارك وتعالى عن كثير .
ومن فوائد الآية الكريمة : تهديد أولئك العصاة بأنهم ليس لهم مهرب من الله عز وجل لقوله : (( يعلم الذين يجادلون في آياتنا )).
ومنها ذم المجادلة لإبطال الحق تؤخذ من قوله: (( ويعلم الذي يجادلون )) أما المجادلة لإثبات الحق فإنها واجبة حيث كان الإنسان يجيدها ويحسنها قال الله تبارك وتعالى:(( وجادلهم بالتي هي أحسن ))وقال تعالى :(( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ))فالمجادلة لإثبات الحق وإبطال الباطل واجبة، لكن بشرط أن يكون عند الإنسان علم بما يجادل به، فإن لم يكن له علم فالواجب ألا يجادل،لأنه إذا جادل لإثبات الحق بدون علم فقد تنعكس القضية عليه، يورد عليه من الشبهات ما لا يستطيع دفعه وحينئذ ينقطع، وانقطاع المجادل بالحق ليس ضرره على نفسه، بل هو على نفسه وعلى الحق الذي يجادل من أجل إثباته.
وهل المجادلة تحصل بالغريزة أو بالمران ؟ الجواب: بهما كليهما، قد يعطي الله سبحانه وتعالى الإنسان قوة حجة وقريحة وسرعة إجابة، وهذا من الله عز وجل، وقد يكون قليلا من هذه الناحية في أصل خلقته ولكن مع المجادلة يتمرن، ولهذا كان بعض أهل العلم إذا أراد أن يحرر مسألة ويثبتها فرض نفسه مع مجادل، فيوردعلى نفسه إشكالا ثم يجيب عنه، ثم إشكالا ثم يجيب عنه حتى يتمرن على المجادلة.
ويذكر أن عاميا يجادله نصراني يقول له: أنتم أيها المسلمون ظلمة قال: بما ؟ قال: لأنكم تجيزون أن تتزوجوا منا ولا تجيزون أن نتزوج منكم، إذا جاء هذا الإيراد على شخص لا يعرف المجادلة قال: صحيح، فقال العامي: إننا نؤمن برسولكم ولا تؤمنون برسولنا، آمنوا برسولنا نزوجكم، وهذه حجة صحيحة أو لا ؟ صحيحة لا شك، فإذا كانت صحيحة من عامي كان هذا دليلا على أن المجادلة تكون غريزة وتكون بالمراس والتمرن .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن لا مفر لمن حاد الله ورسوله من عقوبة الله لقوله: (( ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص))من المعلوم أن يعلم تنصب مفعولين، فأين مفعولاها ؟ جملة: ((ما لهم من محيص))،ماذا يسمى ؟ يسمى تعليقا، وذكرنا لكم أن ظن وأخواتها تكون عاملة ومعلقة وملغاة.
طيب قوله :((ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ))هل هذا مدح أو ذم ؟ذم، طيب كيف يكون ذما وقد أمر الله بمجادلة أهل الكتاب ؟ إذا نقول المجادلة لإظهار الحق وبيانه مأمور بها، والمجادلة التي للعكس لإبطال الحق وإظهار الباطل هذه هي التي عليها الوعيد، تمام.