تفسير قوله تعالى : (( فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )) . حفظ
الشيخ : قول الله تبارك وتعالى :(( وما أوتيتم من شيء )) يعني أي شيء أو تيتموه من زخارف الدنيا (( فمتاع الحياة الدنيا ))قوله : (( فمتاع )) الفاء رابطة لجواب الشرط وهو قوله:(( فما أوتيتم من شيء ))لأن ما هنا شرطية، ومن شيء بيان لها، وجملة فمتاع هذه جواب الشرط، وعلى هذا فنقول:إن متاع خبر لمبتدأ محذوف والتقدير فهو متاع الحياة الدنيا.
قال:" يتمتع فيها ثم يزول (( وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا ... )) " إلى آخره، ما هنا اسم موصول بمعنى الذي، وخير خبر المبتدأ،(( وأبقى ))فوصفه الله بوصفين مهمين جدا، الأول: أنه خير والثاني: أنه أبقى، لأن ما في الدنيا فهو متاع زائل منغص لا يكاد يمر بك أسبوع إلا وجدت التنغيص، وهذا على حد قول الشاعر :
"فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر "
أما الآخرة فهي خير محض ليس فيه شر، وأيضا هوأبقى يعني أدوم، متاع الدنيا قليل يزول سريعا بخلاف ما عند الله عز وجل،(( للذين آمنوا )) آمنوا بإيش ؟ بكل ما يجب الإيمان به، وقد سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال له:( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ) إذا آمنوا بما يجب الإيمان به، هذه العبارة لتشمل كل شيء،(( وعلى ربهم يتوكلون ))قدم المعمول لإفادة الحصر والعناية به (( وعلى ربهم يتوكلون ))الرب هو الخالق المالك المدبر، يتوكلون: أي يعتمدون ويفوضون أمرهم إليه تبارك وتعالى، والتوكل فسره بعضهم بأنه: " صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله تبارك وتعالى "صدق الاعتماد على الله يعني: أن تعتمد على الله اعتمادا صادقا لا تلتفت لسواه، في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله عز وجل يعني: تعتمد عليه عز وجل وأنت واثق بأنه حسبك وسيعينك، والتوكل على الله نصف الدين كما قال عز وجل : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) إذ لا يمكن للإنسان أن يأتي بشرائع الإسلام إلا بالتوكل على الله والاعتماد عليه، انظر إلى قوله : (( إياك نعبد وإياك نستعين ))وإلى قوله: (( فاعبده وتوكل عليه )) تجد أن الله تعالى قسم الدين إلى قسمين: عبادة واستعانة.