فوائد قوله تعالى : (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )) . حفظ
في هذه الآية: بيان أن هذا القرآن الكريم روح تحيا به القلوب، وعلى هذا فإذا وجدت قلبك ميتا أو وجدته مريضا أو وجته قاسيا فعليك بالقرآن، اقرأه عن محبة وتدبر فسيتغير القلب من مرض إلى صحة، ومن موت إلى حياة، ومن قسوة إلى لين، قال ابن عبد القوي رحمه الله:
وحافظ على درس القرآن فإنه يلين قلبا قاسيا مثل جلمد
أي مثل الحصا، ويدل عليه هذه الآية.
ومن فوائد هذه الآية: أن القرآن من أمر الله، وينبني عليها أنه ليس بمخلوق، وجه ذلك قول الله تبارك وتعالى : ((ألا له الخلق والأمر ))ففصل الخلق عن الأمر وجعله قسميا له، فدل ذلك على أن الأمر ليس من الخلق، وهذا هو المراد، فهذه الآية مما يستدل به على طائفتي المعتزلة والأشعرية الذين يقولون:إن القرآن مخلوق، الاستدلال واضح ؟ وجه ذلك أن الله جعل الأمر قسيما للخلق، وقسيم الشيء ليس منه، قسم الشيء منه أو ليس منه ؟ منه.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : تعظيم الرب عز وجل نفسه لقوله: (( أوحينا ))وقوله:(( من أمرنا ))وهو أهل للتعظيم عز وجل وأهل للإكرام وأهل للثناء .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا الوحي لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، وعليه يدل قوله تعالى : (( ووجدك ضالا فهدى ))ضالا يعني: جاهلا فهدى .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : بيان منة الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم بإنزال القرآن الذي صار به عالما بالكتاب وعالما بالإيمان .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب فيكون فيه إبطال لدعوى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كاذب لأنه لا يستطيع أن يأتي بهذا القرآن من عنده.
من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى جعل الكتاب نورا يهدي به من يشاء، وينبني على هذه الفائدة: أنك لو أردت أن يستنير قلبك ويحيا قلبك فعليك بالقرآن، لكن قراءة تدبر .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : إثبات أن الهداية والضلالة بمشيئة الله لقوله: (( نهدي به من نشاء من عبادنا )).
ومن فوائدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الصراط المستقيم لقوله: ((وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )).
فإن قال قائل : ما الجمع بين هذه الآية وقوله تعالى :(( إنك لا تهدي من أحببت ))فالجواب: أن الهداية في الآية الثانية هداية التوفيق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك أن يهديأحدا، وأما الهداية في الآية التي هنا فهي هداية الدلالة، اقرأ قول الله تعالى : (( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ))هديناهم هداية دلالة، يعني بينا لهم الحق ودللناهم عليه ولكنهم والعياذ بالله استحبوا العمى على الهدى فلم يهتدوا .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم هدي مستقيم لا اعوجاج فيه لقوله : (( إلى صراط مستقيم )) فليس فيه اعوجاج في الخبر، والاعوجاج في الخبر؟ الكذب، وليس فيه اعوجاج في الشرائع بل كلها مبنية على العدل والفضل والحمد لله رب العالمين .
ومن فوائد الآية الكريمة : الإشارة إلى أن ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فليس صراطا مستقيما تؤخذ من مفهوم قوله: (( إلى صراط مستقيم )) يعني ما سوى ما أنت عليه فليس صراطا مستقيما.