شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : "... وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى ... ) ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
لما كان هذا الباب في الإخلاص ، إخلاص النية لله عز وجل ، وأنه ينبغي أن تكون النية المخلَصَة لله في كل قول وفي كل فعل وعلى كل حال ، وذكر المؤلف مِن الآيات من يتعلق بهذا المعنى ، ذكر رحمه الله مِن الأحاديث ما يتعلق به أيضا ، وصدَّر هذا بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الذي قال فيه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى ) ، ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى ) : هاتان جملتان اختلف العلماء رحمهم الله فيهما : فقال بعض العلماء : إنهما جملتان بمعنى واحد ، وأن الجملة الثانية تأكيد للجملة الأولى ، ولكنَّ هذا ليس بصحيح ، وذلك لأن الأصل في الكلام أن يكون تأسيسا لا توكيدا ، ثم إنهما عند التأمل يتبين أن بينهما فرقا عظيما : فالأولى سبب ، والثانية نتيجة ، الأولى سبب يبين فيها النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ كل عمل لا بد فيه من نية ، كل عمل يعمله الإنسان وهو عاقل مختار فلا بد فيه من نية ، ولا يمكن لأي عاقل مختار يعمل عملا إلا بنية ، حتى قال بعض العلماء : " لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق " ، وهذا صحيح ، كيف تعمل وأنت عاقل بعقلك ، وأنت مختار غير مكره ، كيف تعمل عملا بلا نية ؟! هذا مستحيل ، لأن العمل ناتج عن إرادة وقدرة ، والإرادة هي النية ، إذن فالجملة الأولى معناها : أنه ما مِن عامل إلا وله نية ، ولكن النيات تختلف اختلافا عظيما ، وتتباين تباينا بعيدا كما بين السماء والأرض ، من الناس مَن نيته في القمة ، في أعلى شيء ، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء ، حتى إنك لترى الرجلين يعملان عملا واحدا يتفقان في ابتدائه وانتهائه وفي أثنائه وفي الحركات والسكنات والأقوال والأفعال ، وبينهم كما بين السماء والأرض ، كل ذلك باختلاف النية ، إذن الأساس أنه ما من عمل إلا بنية ، ولكن النيات تختلف وتتباين ، نتيجة ذلك قال : ( وإنما لكل امرىء ما نوى ) : كل امرئ له ما نوى إن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك ، وإن نويت الدنيا فقد تحصُل وقد لا تحصل : (( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ )) ما قال : عجلنا له ما يريد ، (( عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ )) لا ما يشاء هو ، (( لمن نريد )) : لا لكل إنسان ، فقيد المعجَّل والمعجَّل له ، المعجل الذي أراده الإنسان ، والمعجل له إذن مِن الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ، ومنهم من يعطى شيئا منه منهم من لا يعطى شيئا أبدا هذا معنى قوله : (( عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ )) ، أما : (( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً )) : لا بد أن يجني ثمرات هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة ، إذن : ( إنما لكل امرئ ما نوى ) وهذه الجملة والتي قبلها ميزان لكل عمل ، لكنه ميزان الباطن ، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها : ( مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) : ميزان للأعمال الظاهرة ، ولهذا قال أهل العلم : " هذان الحديثان يجمعان الدين كله : حديث عمر : ( إنما الأعمال بالنيات ) ميزان للباطن ، وحديث عائشة : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا ) ميزان للظاهر " .
لما كان هذا الباب في الإخلاص ، إخلاص النية لله عز وجل ، وأنه ينبغي أن تكون النية المخلَصَة لله في كل قول وفي كل فعل وعلى كل حال ، وذكر المؤلف مِن الآيات من يتعلق بهذا المعنى ، ذكر رحمه الله مِن الأحاديث ما يتعلق به أيضا ، وصدَّر هذا بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الذي قال فيه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى ) ، ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى ) : هاتان جملتان اختلف العلماء رحمهم الله فيهما : فقال بعض العلماء : إنهما جملتان بمعنى واحد ، وأن الجملة الثانية تأكيد للجملة الأولى ، ولكنَّ هذا ليس بصحيح ، وذلك لأن الأصل في الكلام أن يكون تأسيسا لا توكيدا ، ثم إنهما عند التأمل يتبين أن بينهما فرقا عظيما : فالأولى سبب ، والثانية نتيجة ، الأولى سبب يبين فيها النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ كل عمل لا بد فيه من نية ، كل عمل يعمله الإنسان وهو عاقل مختار فلا بد فيه من نية ، ولا يمكن لأي عاقل مختار يعمل عملا إلا بنية ، حتى قال بعض العلماء : " لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق " ، وهذا صحيح ، كيف تعمل وأنت عاقل بعقلك ، وأنت مختار غير مكره ، كيف تعمل عملا بلا نية ؟! هذا مستحيل ، لأن العمل ناتج عن إرادة وقدرة ، والإرادة هي النية ، إذن فالجملة الأولى معناها : أنه ما مِن عامل إلا وله نية ، ولكن النيات تختلف اختلافا عظيما ، وتتباين تباينا بعيدا كما بين السماء والأرض ، من الناس مَن نيته في القمة ، في أعلى شيء ، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء ، حتى إنك لترى الرجلين يعملان عملا واحدا يتفقان في ابتدائه وانتهائه وفي أثنائه وفي الحركات والسكنات والأقوال والأفعال ، وبينهم كما بين السماء والأرض ، كل ذلك باختلاف النية ، إذن الأساس أنه ما من عمل إلا بنية ، ولكن النيات تختلف وتتباين ، نتيجة ذلك قال : ( وإنما لكل امرىء ما نوى ) : كل امرئ له ما نوى إن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك ، وإن نويت الدنيا فقد تحصُل وقد لا تحصل : (( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ )) ما قال : عجلنا له ما يريد ، (( عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ )) لا ما يشاء هو ، (( لمن نريد )) : لا لكل إنسان ، فقيد المعجَّل والمعجَّل له ، المعجل الذي أراده الإنسان ، والمعجل له إذن مِن الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ، ومنهم من يعطى شيئا منه منهم من لا يعطى شيئا أبدا هذا معنى قوله : (( عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ )) ، أما : (( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً )) : لا بد أن يجني ثمرات هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة ، إذن : ( إنما لكل امرئ ما نوى ) وهذه الجملة والتي قبلها ميزان لكل عمل ، لكنه ميزان الباطن ، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها : ( مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) : ميزان للأعمال الظاهرة ، ولهذا قال أهل العلم : " هذان الحديثان يجمعان الدين كله : حديث عمر : ( إنما الأعمال بالنيات ) ميزان للباطن ، وحديث عائشة : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا ) ميزان للظاهر " .