فوائد حديث أبي يزيد بن يزيد بن الأخنس : " ... ( لك ما نويت يا يزيد ، ولك ما أخذت يا معن ) ... " . حفظ
الشيخ : وهذه القاعدة لها فروع كثيرة منها : ما ذكره العلماء رحمهم الله أن الرجل لو أعطى زكاته شخصا يظن أنه من أهل الزكاة ، فتبين أنه غني ، وليس من أهل الزكاة ، فإن زكاته تجزئ ، وتكون مقبولة تبرئ بها ذمته ، لأنه نوى أن يعطيها من هو أهل لها ، فإذا نوى فله نيته .
ومنها : أن الإنسان لو وقّف شيئا ، أراد أن يوقف بيتا صغيرا ، فقال : وقفت بيتي الفلاني وأشار إلى الكبير ، لكنه خلاف ما في قلبه ، فإنه على ما نوى ، وليس على ما سبق به لسانه .
ومنها أيضا : لو أن إنسانا جاهلا لا يعرف الفرق بين العمرة وبين الحج ، فحج مع الناس فقال : لبيك حجًا وهو يريد عمرة يتمتع بها إلى الحج ، فإن له ما نوى ، ما دام قصده أنه يريد العمرة لكن قال : لبيك حجا مع هؤلاء الناس فله ما نوى ، ولا يضر سبق لسانه بشيء .
ومنها أيضا : لو قال الإنسان لزوجته أنت طالق ، ويريد أنها طالق من قيد ، لا من النكاح فله ما نوى ، ولا تطلق بذلك زوجته ، المهم أن هذا الحديث له فوائد كثيرة ، وفروع منتشرة في أبواب الفقه .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه يجوز للإنسان أن يتصدق على ابنه ، وهو كذلك ، يعني أنه يجوز أن يتصدق الإنسان على ابنه ، والدليل على هذا ما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما قال لزوجته وقد أرادت أن تتصدق ، قال لها : " زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه " ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصدقة ، وحث عليها ، فأرادت زينب امرأة ابن مسعود أن تتصدق بشيء من مالها ، فقال لها زوجها : ( أنا وولدك أحق من تصدقت عليه ) ، لأنه كان فقيرا رضي الله عنه ، فقالت : ( لا ، حتى أسأل النبي صلى الله عليه وسلم فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : صدق عبد الله ، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه ) .
ومنها أيضا : أنه يجوز أن يُعطي الإنسان ولده من الزكاة بشرط ألا يكون في ذلك إسقاطٌ لواجب عليه ، يعني مثلا : لو كان الإنسان عنده زكاة وأراد أن يعطيها ابنَه من أجل ألا يطالبه بالنفقة ، فهذا لا يجزئ ، لأنه أراد بإعطائه أن يُسقط واجب نفقته ، أما لو أعطاه ليقضي دينا كان عليه ، مثل أن يكون على الابن حادث ويعطيه أبوه من الزكاة ما يسدد به هذه الغرامة ، فإن ذلك لا بأس به ، وتجزئه من الزكاة ، لأن ولده أقرب الناس إليه ، وهو الآن لم يقصد بهذا إسقاط واجب عليه ، إنما قصد بذلك إبراء ذمة ولده لا الإنفاق عليه ، فإذا كان هذا قصده فإن الزكاة تحل له ، والله الموفق .