شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري - رضي الله عنه - ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة - رضي الله عنهم - ، قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، فقلت : يا رسول الله ، إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى ، وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي ، أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال : ( لا ) ، قلت : فالشطر يا رسول الله ؟ فقال : ( لا ) ، قلت : فالثلث يا رسول الله ؟ قال : ( الثلث والثلث كثير - أو كبير - إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك ) ، قال : فقلت : يا رسول الله ، أخلف بعد أصحابي ؟ قال : ( إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون . اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم ، لكن البائس سعد بن خولة ) يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة . متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه يعوده في مرض ألمَّ به وذلك في مكة ، وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة فتركوا بلدهم لله عز وجل ، وكان مِن عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعود المرضى من أصحابه ، كما أن يزور مَن يزور منهم ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقا ، على أنه الإمام المتبوع صلوات الله وسلامه عليه ، كان من أحسن الناس خلقا ، وألينهم لأصحابه ، وأشد تحببا إليه ، فجاءه يعوده ، فقال يا رسول الله : " إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى " : يعني أصابه وجع عظيم كبير ، " وأنا ذو مال " : ذو مال كثير أو قال : كبير ، يعني أن عنده مالا كثيرا ، " ولا يرثني إلا ابنة لي " : يعني ليس له ورثة بالفرض إلا هذه البنت ، " أفتصدق بثلثي مالي " : يعني بثلثين اثنين من ثلاثة ؟ قال : ( لا ) ، قلت : أفتصدق بالشطر ؟ ) : يعني بالنصف ، ( قال : لا ، قلت : بالثلث يا رسول الله ؟ قال : الثلث والثلث كثير ) ، فقوله : أتصدق بثلثي مالي : يعني أعطيه صدقة ، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، لأن سعدا في تلك الحال كان مريضا مرضا يخشى منه الموت ، فلذلك منعه الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يتصدق بأكثر مِن الثلث ، لأن المريض مرض الموت المـَخوف لا يجوز أن يتصدق بأكثر من الثلث ، لأن ماله قد تعلق به حق الغير وهم الورثة ، أما من كان صحيحا ليس فيه مرض أو فيه مرض يسير لا يُخشى منه الموت فله أن يتصدق بما يشاء ، بالثلث بالنصف بالثلثين بماله كله ، لا حرج عليه ، لكن لا ينبغي أن يتصدق بماله كله إلا إذا كان عنده شيء يعرف أنه سوف يستغني به عن عباد الله ، المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم منعه أن يتصدق بما زاد على الثلث ، وقال : ( الثلث والثلث كثير أو قال : كبير ) : وفي هذا دليل على أنه إذا نقص عن الثلث فهو أحسن وأكمل ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : " لو أن الناس غضوا مِن الثلث إلى الربع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الثلث والثلث كثير ) " ، وقال أبو بكر رضي الله عنه : " أرضى ما رضيه الله لنفسه " : يعني الخمس ، فأوصى بالخمس رضي الله عنه ، وبهذا نعرف أن عمل الناس اليوم وكونهم يوصون بالثلث خلاف الأولى ، وإن كان هو جائزا ، لكن الأفضل أن يكون أدنى من الثلث ، إما الربع أو الخمس ، قال فقهاؤنا رحمهم الله : " والأفضل أن يوصي بالخمس لا يزيد عليه ، اقتداء بأبي بكر الصديق رضي الله عنه " ، ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إنك أن تَذر ورثتك أغنياء خير مِن أن تذرهم عالة ) : يعني كونك تبقي المال ولا تتصدق به حتى إذا مت وورثه الورثة صاروا أغنياء به ، هذا خير من أن تذرهم عالة : يعني لا تترك لهم شيئا ، ( يتكففون الناس ) : يعني يسألون الناس بأكفهم أعطونا أعطونا .
وفي هذا دليل على أن الميت إذا خلف مالا للورثة فإن ذلك خير له ، لا يظن الإنسان أنه إذا خلف المال وَوُرِث منه قَهرا عليه أنه لا أجر له في ذلك ، لا ، بل له أجر ، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ) : يعني ( يتكففون الناس ) ، لأنك إذا تركت المال للورثة انتفعوا به وهم أقارب ، وإذا تصدقت به انتفع به الأباعد ، والصدقة على القريب أفضل من الصدقة على البعيد ، لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة ، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث .
الطالب : ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعل في فِي امرأتك ، قال : فقلت : يا رسول الله ، أُخلَّف بعد أصحابي ؟ قال : إنك لن تُخلَّف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ، ولعلك أن تُخلَّف حتى ينتفع بك أقوام ويضرَّ بك آخرون ) .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه يعوده في مرض ألمَّ به وذلك في مكة ، وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة فتركوا بلدهم لله عز وجل ، وكان مِن عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعود المرضى من أصحابه ، كما أن يزور مَن يزور منهم ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقا ، على أنه الإمام المتبوع صلوات الله وسلامه عليه ، كان من أحسن الناس خلقا ، وألينهم لأصحابه ، وأشد تحببا إليه ، فجاءه يعوده ، فقال يا رسول الله : " إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى " : يعني أصابه وجع عظيم كبير ، " وأنا ذو مال " : ذو مال كثير أو قال : كبير ، يعني أن عنده مالا كثيرا ، " ولا يرثني إلا ابنة لي " : يعني ليس له ورثة بالفرض إلا هذه البنت ، " أفتصدق بثلثي مالي " : يعني بثلثين اثنين من ثلاثة ؟ قال : ( لا ) ، قلت : أفتصدق بالشطر ؟ ) : يعني بالنصف ، ( قال : لا ، قلت : بالثلث يا رسول الله ؟ قال : الثلث والثلث كثير ) ، فقوله : أتصدق بثلثي مالي : يعني أعطيه صدقة ، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، لأن سعدا في تلك الحال كان مريضا مرضا يخشى منه الموت ، فلذلك منعه الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يتصدق بأكثر مِن الثلث ، لأن المريض مرض الموت المـَخوف لا يجوز أن يتصدق بأكثر من الثلث ، لأن ماله قد تعلق به حق الغير وهم الورثة ، أما من كان صحيحا ليس فيه مرض أو فيه مرض يسير لا يُخشى منه الموت فله أن يتصدق بما يشاء ، بالثلث بالنصف بالثلثين بماله كله ، لا حرج عليه ، لكن لا ينبغي أن يتصدق بماله كله إلا إذا كان عنده شيء يعرف أنه سوف يستغني به عن عباد الله ، المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم منعه أن يتصدق بما زاد على الثلث ، وقال : ( الثلث والثلث كثير أو قال : كبير ) : وفي هذا دليل على أنه إذا نقص عن الثلث فهو أحسن وأكمل ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : " لو أن الناس غضوا مِن الثلث إلى الربع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الثلث والثلث كثير ) " ، وقال أبو بكر رضي الله عنه : " أرضى ما رضيه الله لنفسه " : يعني الخمس ، فأوصى بالخمس رضي الله عنه ، وبهذا نعرف أن عمل الناس اليوم وكونهم يوصون بالثلث خلاف الأولى ، وإن كان هو جائزا ، لكن الأفضل أن يكون أدنى من الثلث ، إما الربع أو الخمس ، قال فقهاؤنا رحمهم الله : " والأفضل أن يوصي بالخمس لا يزيد عليه ، اقتداء بأبي بكر الصديق رضي الله عنه " ، ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إنك أن تَذر ورثتك أغنياء خير مِن أن تذرهم عالة ) : يعني كونك تبقي المال ولا تتصدق به حتى إذا مت وورثه الورثة صاروا أغنياء به ، هذا خير من أن تذرهم عالة : يعني لا تترك لهم شيئا ، ( يتكففون الناس ) : يعني يسألون الناس بأكفهم أعطونا أعطونا .
وفي هذا دليل على أن الميت إذا خلف مالا للورثة فإن ذلك خير له ، لا يظن الإنسان أنه إذا خلف المال وَوُرِث منه قَهرا عليه أنه لا أجر له في ذلك ، لا ، بل له أجر ، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ) : يعني ( يتكففون الناس ) ، لأنك إذا تركت المال للورثة انتفعوا به وهم أقارب ، وإذا تصدقت به انتفع به الأباعد ، والصدقة على القريب أفضل من الصدقة على البعيد ، لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة ، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث .
الطالب : ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعل في فِي امرأتك ، قال : فقلت : يا رسول الله ، أُخلَّف بعد أصحابي ؟ قال : إنك لن تُخلَّف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ، ولعلك أن تُخلَّف حتى ينتفع بك أقوام ويضرَّ بك آخرون ) .